إلى “إشعار آخر” أجّل إسلام القيق حفل عيد ميلاده الذي كان مقررا عند دوار المنارة وسط مدينة رام الله بالضفة الغربية عصر أمس الاثنين، تضامنا منه ومن عائلته مع الشاب باسل الأعرج الذي
استشهد فجر أمس بعدما استهدفه جنود الاحتلال عقب اقتحامهم منزله هناك.
وحال إسلام (5 أعوام) ليس أوفر حظا من الشهيد الأعرج، فاحتفاله كان سيأتي ضمن فعاليات للتذكير بوالده الأسير محمد القيق الذي يواصل إضرابه عن الطعام في سجون الاحتلال لليوم الـ29 رفضا لاعتقاله الإداري.
وتقول فيحاء شلش زوجة الصحفي القيق (34 عاما) إنه للمرة الثانية تحل ذكرى ميلاد إسلام ووالده يقبع في زنازين الاحتلال بسبب اعتقاله الإداري، مضيفة أن زوجها مستمر في إضرابه حتى نيل حريته.
وفي 15 يناير/كانون الثاني الماضي اعتقل الاحتلال القيق قرب مدينة بيت لحم جنوبا، فأخبر الجنود أنه مضرب عن الطعام بعدما أوثقوه وألقوا به داخل آليتهم العسكرية فأخلوا سبيله.
“لكن لم تدم الحرية طويلا” تضيف فيحاء، حيث أعادوا اعتقاله بعد سويعات قليلة عقب عودته من بيت لحم إلى مدينة رام الله حيث يسكن.
وبعد 22 يوما من العزل والتحقيق داخل أقبية السجون الإسرائيلية، تخللها اقتحام جنود الاحتلال منزل الأسير القيق وعائلته وتفتيشه بعنف ومصادرة أجهزة حاسوب وهواتف خلوية بحثا عما يدين الرجل بعد عجزهم بكل الطرق عن انتزاع اعتراف لأي من التهم التي لفقوها له، لا سيما انتماءه لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بشكل أو بآخر، فشلوا في كل ذلك وحولوه إلى الاعتقال الإداري، فرد بإعلان إضرابه.
وعرف الأسير محمد القيق الذي اعتقل خمس مرات في سجون الاحتلال بإضرابه الشهير عن الطعام 94 يوما العام الماضي، وعرف أكثر برفضه التغذية القسرية رغم تدهور حالته الصحية، فقيده السجانون بالسرير وقدموا له “مدعمات علاجية بالوريد” بعدما أوصدت الطرق لثنيه عن الإضراب.
وتردف فيحاء أن المخابرات الإسرائيلية استدعتها عقب اعتقال زوجها وأخضعتها لتحقيق قاس وابتزاز غير مسبوق لإدانة زوجها “لكنهم فشلوا”.
وتضيف فيحاء أن المحققين هددوا زوجها في الإضراب السابق بالاغتصاب، واعتدوا عليه بالضرب والصراخ والشتائم النابية، وفي هذه المرة أعادوا السيناريو ذاته فاعتدوا عليه وعزلوه لأكثر من عشرين يوما داخل الزنزانة، حيث جُرد من ملابسه وترك بلا أغطية في أيام وصفت بأنها الأشد برودة. لكن زوجته تقول إن ذلك زاد من إصراره للحفاظ على نتائج تجربته النضالية السابقة، و”كي لا يخذل أبناء شعبه والأسرى الذين خاضوا إضرابات فردية أيضا”.
وفي إضراب القيق -وهو واحد من نحو 25 صحفيا يعتقلهم الاحتلال- رسالة إلى الجهات الرسمية والشعبية لاستنهاضها والوقوف إلى جانب الأسرى، وتقول فيحاء “يتحدى الأسير بجوعه منفردا، ويعد ذلك أرقى الأشكال المقاومة وأكثرها سلمية”.
لكن الدافع الأساسي لإضراب القيق كما يراه رئيس الهيئة العليا للأسرى والمحررين عيسى قراقع هو “شعوره بالقهر والظلم” من الاعتقال التعسفي والمخالف لكل القوانين، مضيفا أن “الأسير يُعرِّض حياته للخطر عبر الإضراب لقناعته بانتقام الاحتلال منه باعتقاله إداريا وبانتهاكه لأبسط حقوقه”.
وأوضح قراقع أن الشارع يتحرك شعبيا ورسميا لمناصرة الأسرى بقدر استطاعته، ولكن يكون التضامن أكبر إذا ما كانت خطوات الأسرى موحدة وجماعية.
ووفق المسؤول الفلسطيني، فإن الإضراب الفردي أو الجماعي يقلق الاحتلال الإسرائيلي، خاصة أنه يحظى باهتمام إعلامي وجماهيري وبمتابعة المؤسسات الحقوقية محليا دوليا، ويقلقه أكثر لكشفه انتهاكاته بحق الأسرى.
لكن ما يقلق الطفل إسلام هو غياب والده قسرا عن حفل ذكرى مولده سنتين متتاليتين.
الجزيرة