الردع بالمنع أو بالإنتقام

أحمد عزت سليم17 ديسمبر 2019آخر تحديث :
الردع بالمنع أو بالإنتقام

الردع بالمنع أو بالإنتقام

الردع السيبرانى (3)

ارتبط مفهوم الردع بها وكما يؤكد وليام كوفمان فإن “مفهوم الردع يتكون أساسا من عنصرين أساسيين:

أولا :ــ النية المعلنة للدفاع عن مصلحة معينة.

ثانيا :ــ القدرة على إثبات الواقع لتحقيق الدفاع عن الفائدة المراد تحقيقها ، أو لإلحاق مثل  التكلفة على المهاجم الذي يتم مواجهته والحصول على نهايته حتى وإن كان لايستحق الجهود المبذولة من أجل نهايته ،والردع كذلك أي شيء يثني عن هجوم ، وعادة ما يقال لعنصرين هما: ــ الردع من خلال الإنكار ( القدرة على إحباط الهجمات ) ، والردع من خلال التهديد بالانتقام وعن طريق العقاب كـ  (الردع من خلال الحرمان) وكوسيلة للدفاع”(1).

وتشير دراسة “نظرية الردع في القرن السيبراني”، والصادرة عن المعهد الألماني للشؤون الأمنية والدولية، والتي أعدها كل من “Annegret Bendiek” وهو مشارك بارز في المعهد الألماني للشؤون الأمنية والدولية ، و”Tobias Metzger” وهو باحث متدرب في قسم البحوث بالاتحاد الأوروبي إلى أن مفهوم “الردع السيبراني” يعتمد على عنصرين هما:ــ ردع الهجمات السيبرانية فيما يُعرف “الردع بالمنع”، والردع بالتهديد بشن هجمات سيبرانية فيما يُعرف بـ”الردع بالانتقام”، ويُمييز الباحثان بين “الردع بالمنع ” و”الردع بالانتقام “، حيث يصفان “الردع بالانتقام” أو الردع عن طريق العقاب، بأنه مثل القبض على الجاني في قضية ما وصولاً إلى محاكمته ، وهو ما يؤثر على سلوك الجاني في المستقبل، وأيضاً على سلوك الآخرين في المجال الجنائي ، أما ” الردع بالمنع ” ، فينطوي تحته ” الردع بالمقاومة ” Resistance، و” الردع بالصمود ” Resilience والصمود هنا يعني القدرة على استعادة الشيء بشكله الأصلي قبل الهجوم الذي تم، وهذا من شأنه أن يحد المكاسب المحتملة، ويمكن أن يقنع الخصم بعدم الهجوم خاصةً إذا كانت التكلفة مُفرطة. ويظل الهدف من ” المقاومة والصمود ” هو تقليل خيارات الطرف الذي ينوي الهجوم، سواء من خلال بناء هياكل دفاعية يصعب التغلب عليها أو من خلال ضمان الاستعادة السريعة لأصل الشيء بعد الهجوم ويبقى التصور أو الرؤية الموضوعة للتهديد Threat perception، العامل المحوري في نظرية الردع ، ويشمل ذلك التصور طبيعة التهديد ، والفاعلين المهددين ، والوسائل التقنية المستخدمة ، والهدف المحتمل من هذا التهديد.

الردع بالمنع أو بالإنتقام

وحددت الوكالة الأوروبية لأمن الشبكات والمعلومات ENISA ستة فواعل في مثل هذه التهديدات، وهي (الشركات، ومجرمو الإنترنت، والموظفون، ونشطاء القرصنة ، والدول القومية، والإرهابيون ) وأضافت دراسة تابعة لمركز الدفاع السيبراني بحلف الناتو فاعلاً سابعاً هو ” الفاعلون المدعومين من الدول”، في هذا الإطار، تناول الكاتبان تطبيق كل من “الردع بالمنع” و”الردع بالانتقام” والتحديات ذات الصلة بكل منهما، وذلك كالتالي:

1- “الردع بالمنع”: ترى الدراسة أنه يكون فعَّالاً بمجرد جعل حسابات “التكلفة ” لدى المهاجمين سلبية، من خلال إقناع المهاجم بأنه لن تكون هناك مكاسب تتناسب مع تكلفة الهجوم. وبالتالي تتضح أهمية النظم الدفاعية الجيدة التي تجعل فرص نجاح أي هجوم ضئيلة، كما تضفي مصداقية على التدابير الانتقامية، وتحد من فكرة وجود الطرف الثالث. وهنا يلاحظ الكاتبان أن “الردع بالمنع” موجود بصفة “دفاعية” قبل وقوع الحدث، وبصفة “صمودية” بعد الحدث، وعلى الرغم من ذلك، يمكن تجاوز التدابير الدفاعية، فعلى سبيل المثال تم تجاوز إنشاء إيران هياكل متوازية لشبكة وطنية لمنع الهجمات الإلكترونية عالية المستوى، من خلال فيروس “ستكسنت” Stuxnet الذي أصاب برنامج المفاعل النووي من خلالUSB- sticks.

2- “الردع بالانتقام أو الردع عن طريق العقاب”: يحمل تطبيقه الكثير من التحديات، فرغم أن إظهار القوة وإمكانية استخدامها، عامل حيوي حتى يتم تخويف الخصم، فإن إظهارها قد يعني أن أي استخدام لتلك القوة قد يؤدي للكشف عن معلومات مهمة ضرورية للدفاع ضد الهجمات المستقبلية، وربما يفسر ذلك عدم كشف الدول الكبرى مثل ألمانيا أو فرنسا عن قدراتها الهجومية، وهناك قيود أخرى للانتقام في المجال السيبراني تتمثل في عدم التناسب بين كثافة الهجمات والضرر الناتج، وفكرة تطور الأنظمة عبر مرور الزمن، مما يجعل فرص الاختراق محدودة، لتعقد الأنظمة ، وأيضاً مدة الهجمات، فكلما طالت الهجمات كان من الصعب تنفيذ هجمات لاحقة.

79978421 2759946260710286 92862385554980864 n

مراجع:

Cyberdeterrence and cyberwar, MARTIN C. LIBICKI, Prepared for the United States Air Force, Approved for public release; distribution unlimited, PROJECT AIR FORCE, 2009. Copyright 2009 RAND Corporation

  • هذا المقال هو الثالث ضمن سلسلة “الردع السيبراني”، للإطلاع على المقال الأول من هنا، والمقال الثاني من هنا.

 موضوعات تهمك:

الحرب السيبرانية الجنسية

الحرب السيبرانية والأمن القومي

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة