لا نهاية قريبة لحرب روسيا ضد أوكرانيا معللا لأنها حرب مربحة للغاية لشركات تصنيع الأسلحة.
بايدن يعرف جيدا أن إرسال شحنات أسلحة لأوكرانيا لن يحدث أى فرق بأرض المعركة بل يستولى الجيش الروسى على الأسلحة الغربية..
أستطيع أن أقول بكل تأكيد أنه حتى لو وصلت هذه المساعدة إلى ساحة المعركة، فلن يكون لها أي تأثير على المعركة. وجو بايدن يعرف ذلك.
المفارقة هنا أن الروس يستولون على الأسلحة الحديثة التى ترسلها الولايات المتحدة والناتو بالطن ويستخدمونها لقتل المزيد من شعب أوكرانيا.
«الحرب عملية احتيال»، و«أفضل وصف للاحتيال أنه شىء لا يبدو كما يبدو لغالبية الناس.. يتم شن الحرب لصالح قلة قليلة على حساب الكثيرين. وبعد الحرب تحقق فئة قليلة من الناس الثروة».
* * *
كتب سميدلى بتلر، ضابط كبير فى فيلق المشاة البحرية الأمريكية، فى عام 1935: «الحرب هي عملية احتيال».. وأوضح: «أفضل وصف لعملية الاحتيال هو أنه شىء لا يبدو كما يبدو لغالبية الناس.. يتم شن الحرب لصالح قلة قليلة على حساب الكثيرين. وبعد الحرب تحقق فئة قليلة من الناس الثروة». وفى الحقيقة، تصف ملاحظة الجنرال بتلر استجابة الولايات المتحدة والناتو لحرب أوكرانيا بشكل مثالى.
بعبارة أكثر تفصيلا، وكما هو الحال دائما، يتم التلاعب بأحداث هذه الحرب لتحقيق استجابة عاطفية لصالح تحقيق المنافع الخاصة. فإحدى مجموعات المصالح الخاصة التى تستفيد بشكل كبير من الحرب هي المجمع الصناعي العسكري الأمريكي.
قال الرئيس التنفيذى لشركة رايثيون، شركة مقاولات دفاعية أمريكية تصنع الأسلحة والإلكترونيات العسكرية، أخيرا فى اجتماع للمساهمين: «كل ما يتم شحنه إلى أوكرانيا اليوم، بالطبع، يخرج من المخزونات الاحتياطية، إما فى وزارة الدفاع أو من حلفائنا فى الناتو، وهذا كله أمر رائع. فى النهاية سيتعين علينا إعادة ملء المخزونات وسنرى الفائدة».
هاينز لم يكن يكذب. شركة رايثيون تتمتع، جنبا إلى جنب مع عدد لا يحصى من مصنعى الأسلحة الآخرين، بمكاسب غير متوقعة لم يروها منذ سنوات. فالولايات المتحدة خصصت أكثر من ثلاثة مليارات دولار كمساعدات عسكرية لأوكرانيا. هم يسمونها مساعدة، لكنها فى الواقع مكاسب للشركات: ترسل واشنطن المليارات إلى مصنعى الأسلحة مقابل إرسال الأسلحة إلى الخارج.
ووفقا للعديد من التقارير، يتم تفجير شحنات الأسلحة، مثل صاروخ جافلين المضاد للدبابات، بمجرد وصولها إلى أوكرانيا. وهذا لا يزعج شركات الأسلحة على الإطلاق. فكلما زاد عدد الأسلحة والصواريخ التى تستخدمها روسيا فى أوكرانيا، كلما صدرت أوامر جديدة من البنتاغون بإرسال شحنات أسلحة لأوكرانيا.
كما أن دول حلف وارسو السابقة ــ الأعضاء فى حلف الناتو الآن ــ يقومون بعمليات احتيال أيضا. لقد اكتشفوا طريقة للتخلص من أسلحتهم السوفيتية التى يبلغ عمرها 30 عاما (بإرسالها لأوكرانيا) والحصول على بدائل حديثة من الولايات المتحدة ودول غرب الناتو الأخرى.
لكن فى حين أن العديد من المتعاطفين مع أوكرانيا يهتفون عند إرسال شحنات الأسلحة، إلا أن حزمة الأسلحة التى تبلغ تكلفتها عدة مليارات من الدولارات لن تحدث فرقا يذكر. بعبارة أوضح، قال ضابط استخبارات سابق فى البحرية الأمريكية فى تقرير قبل أسبوعين: «أستطيع أن أقول بكل تأكيد أنه حتى لو وصلت هذه المساعدة إلى ساحة المعركة، فلن يكون لها أى تأثير على المعركة. وجو بايدن يعرف ذلك».
المفارقة هنا فيما نراه؛ فالروس يستولون على الأسلحة الحديثة التى ترسلها الولايات المتحدة والناتو بالطن ويستخدمونها لقتل المزيد من الشعب الأوكرانى. وهناك شىء آخر أيضا، ما هى فرص استيلاء الإرهابيين على الأسلحة، مع وجود آلاف الأطنان من الأسلحة الفتاكة عالية التقنية فى جميع أنحاء أوكرانيا؟ لقد اعترفت واشنطن بأنها لا تملك أى وسيلة لتعقب الأسلحة التى ترسلها إلى أوكرانيا ولا سبيل لإبقائها بعيدة عن أيدى الأشرار.
باختصار، الحرب هى عملية احتيال، تحقق أرباحا بسهولة، كما أنها شرسة بالتأكيد؛ إنها الوحيدة التى تحسب فيها الأرباح بالدولار والخسائر بالأرواح. كانت الولايات المتحدة تتدخل فى أوكرانيا منذ نهاية الحرب الباردة، ووصلت إلى حد الإطاحة بالحكومة فى عام 2014 وزرع بذور الحرب التى نشهدها اليوم. والسبيل الوحيد للخروج من الحفرة هو التوقف عن الحفر.
لكن ليس علينا توقع ذلك فى أى وقت قريب. فالحرب مربحة للغاية.
* د. رون بول طبيب ومؤلف وسياسي، عضو مجلس النواب الأمريكي سابقا
المصدر: أوراسيا ريفيو
موضوعات تهمك: