الحرب الأهلية البريطانية
- هل ستنهار الاستثمارات الخليجية بعد نقل خلاف الرأي حول البريكست إلى دائرة التحريض ثم دائرة العصيان؟
- لماذا يمثل الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق مثل هذا الرعب لحكومة تيريزا ماي، حتى تأخذ هذا المنحى التعبوي؟
- كيف يتحدثون عن نقل الملكة إليزابيث من العاصمة بعيداً عن الأماكن الرئيسية إذا وقعت اضطرابات وأعمال شغب في لندن!
- هل القيم الديمقراطية لدى الشعب البريطاني، وأداء مؤسسة الحكم هما بتلك الهشاشة!
بقلم: ظافر محمد العجمي
اكتظ الخطاب البريطاني منذ شهرين تقريباً بغريب المصطلحات على ديمقراطيتها، مثل استدعاء الاحتياط، ونشر الجنود، وتعزيز عمليات الجيش، والتواصل مع مختلف السلطات، وتوظيف مهارات متخصصة، وطلب دعم عمليات مراكز القيادة الإقليمية، وتنفيذ خطط بعض الأقسام الحكومية.
وكلها مفردات في الفكر العسكري تأتي تحت مسمى «التعبئة العامة»، بمعنى تحويل القوات المسلحة لحالة الحرب أو شبه الحرب، وإعادة بناء اقتصاد الدولة ومؤسساتها وقدراتها ومواردها المادية والبشرية وقوانينها لتوفير حاجات حرب طويلة الأمد وتحقيق أهدافها.
اقرأ/ي أيضا: مخاطرة تريزا ماي
وبريطانيا هي سيدة فن التعبئة العامة، حيث نتذكر أنها رفعت تعداد القوات البريطانية في الحرب العالمية الأولى من 400 ألف إلى ما يزيد عن 5 ملايين جندي.
لكن لماذا يمثل الخروج من الاتحاد الأوروبي «بريكست» دون اتفاق مثل هذا الرعب لحكومة تريزا ماي، حتى تأخذ مثل هذا المنحى التعبوي الذي لا يمكن إنكاره من المؤشرات التالية:
– سيكون قد تم نشر الجنود البريطانيين منذ 10 فبراير الحالي، لفترة 12 شهراً قابلة للتجديد، كما جاء في بيان وزارة الدفاع البريطانية، مما يفتح التكهنات بطول الأزمة بحيث لن تقل عن عام.
– تتوقع تريزا ماي تدهوراً درامياً في العلاقات الدولية، رغم أن الأمر في تقديرنا هو بناءً على قراءة التغيرات المقبلة على الساحة المحلية، لكن المحير هو تصريح وزير الدفاع البريطاني أن 3500 جندي وجندي احتياط مستعدون للانتشار في حال المضي في «بريكست» دون اتفاق. فهل هذا الحجم لشأن محليّ؟
اقرأ/ي أيضا: عباس وخطاب الهزيمة.. تجريب المجرّب وموقف القبيلة
– عسكرة الشارع أتت بعد أن حذرت اتحادات تجارية من وقوع اضطرابات واسعة النطاق إذا حدثت تأخيرات طويلة للواردات من الاتحاد الأوروبي، بسبب إجراءات الفحص الجمركية الجديدة، واحتمال حدوث نقص في الغذاء والدواء.
– في كلمتها بمناسبة الكريسماس الماضي كانت هناك إشارات مبطنة تظهر خوف الملكة إليزابيث الثانية من انقسام البريطانيين بسبب «بريكست»، وعدم إظهار «الاحترام» لبعضهم. جراء التوتر السائد في البرلمان، كإثارة زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن غضب النواب المحافظين، بعد أن قال إن ماي «امرأة حمقاء».
-إعادة إحياء خطط طوارئ أبرزت فزعاً غير ضروري، كخطة إجلاء العائلة المالكة، والتي كانت ستستخدم إبان الحرب الباردة، رغم أن كبار العائلة المالكة مكثوا في لندن خلال القصف في الحرب العالمية الثانية.
اقرأ/ي أيضا: الأردن ومؤتمر وارسو
فكيف يتحدثون عن نقل الملكة إليزابيث من العاصمة بعيداً عن هذه الأماكن الرئيسية إذا وقعت اضطرابات وأعمال شغب في لندن!
ويبقى سؤال عما إذا كانت القيم الديمقراطية لدى الشعب البريطاني، وأداء مؤسسة الحكم هما بتلك الهشاشة! فلو كان الأمر في دولة من دول العالم الثالث لعدّ من مؤشرات عدم الاستقرار.
بحسب تقارير عدة تبلغ قيمة الاستثمارات الخليجية في بريطانيا ما بين 130 – 200 مليار دولار؛ يمثل 40% منها استثمارات في القطاع العقاري؛ فإذا كانت هناك توقعات بتراجع الجنيه الإسترليني بعد نهاية شهر مارس 2019م؛ فهل ستنهار استثماراتنا بعد نقل خلاف الرأي حول البريكست إلى دائرة التحريض ثم دائرة العصيان؟
اقرأ/ي أيضا: السعودية.. سياسة الترفيه واستراتيجية الإلهاء
* د. ظافر محمد العجمي المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة أمن الخليج.
المصدر: العرب – الدوحة
عذراً التعليقات مغلقة