الجيش الصهيونى خير مسفر للتوراة .. يبين التلمود أن هناك تمايزاً فى موقف الهالاخاه من أجساد غير اليهود ( باعتبارها طرف نقيض لأجساد اليهود ) … أجسادهم “لا احترام لها”، وذلك على عكس القداسة التى يكتسبها اليهودى الذى ” يتوحد مع الإله ويصبح فى قداسته ” ( 12 )، وأصبحت القداسة سمة عضوية متوارثة ناتجة عن الحلول الإلهى الدائم، وإذا كانت القداسة هى الصفة الإلهية التى تفصل الإله ( المطلق ) عما هو غير مقدس (دنيوى ونسبى) فإن الشعب اليهودى قد سرت فيه هذه القداسة وأصبح يتسم بهذا الانفصال ومن ثم التفرد حينما عقد الإله العقد معه وبذلك انقسم العالم بأسره داخل إطار الحلولية الثنائية الصلبة إلى قسمين ” اليهود المقدسين الذين يعيشون داخل دائرة القداسة والأغيار الذين يعيشون داخل التاريخ فقط ” ( 13 ) وخارج دائرة القداسة ، فالقداسة خصيصة بنائية رابعة ” فاليهودى لم يخلق كوسيلة لتحقيق غاية أخرى وإنما هو فى حد ذاته غاية بما أن مادة كل الفيض الإلهى قد خلقت فقط لخدمة اليهود” ( 14)، وبالتالى لتفرده الخالص وفى تراث القبالاة وصل الإيمان بقداسة الشعب إلى أشكال فى غاية التطرف “إذ ذهب بعض القباليين إلى أن اليهود قد خلقوا من طينة مقدسة مختلفة عن الطينة التى خلق منها الأغيار، وبالتالى تكون أفعال اليهود كلها مقدسة لأنها تساهم فى عملية إصلاح الخلل الكونى ( تيقون ) التى يستعيد الإله من خلالها ذاته وكذلك الشرارة الإلهية المشتتة” ( 15 ).
وهكذا “فإن اليهودى الذى يقتل غير اليهودى يعفى من حكم الإنسان عليه ويعتبر كأن لم ينتهك الحظر ( الدينى ) للقتل” وذلك بناء على الهالاخاه وعلى ميثاق الميمونين (أتباع بن ميمون) ” (16 )، وكما قال الحاخام أرييل، ويرى الحاخام آفنيرى أنه بينما يطلب الإله من الأمم العادية إطاعة قوانين العدالة والاستقامة البتة، فإن هذه القوانين لا تنطبق على اليهود” (17) وهكذا دعاهم الإله للانفصال عن الشعوب” اعترفوا الآن للرب إله آبائكم واعملوا على مرضاته وانفصلوا عن شعوب الأرض، وعن النساء الغريبة فأجاب كل الجماعة وقالوا بصوت عظيم كما كلمتنا كذلك نعمل” ( عزرا 1. : 1.- 11 ) ويقول الإله: “وأنتم شهودى يقول الرب أكون أنا الإله” وحينما لا تكونون شهودى فأنا (كأننى) لست الإله، فكأن إلوهية الإله، بل وجوده لا يتجاوز الإرادة والوجود اليهوديين “(18)، وهذا جوهر ومركز لاهوت التفرد والنقاء والاستعلاء.
ويقول بن جوريون: حينما ذهب الشعب المقدس إلى سيناء فإنه كان يحمل روح الشريعة المقدسة التى تلقاها من الإله (19)، هكذا يصبح الجيش الإسرائيلى هو القداسة بعينها كما يرى الحاخام تسفى كوك (من زعماء جوش أيمونيم)، ومن قبله قال بن جوريون: إن الجيش هو خير مفسر للتوراة وكما قال مارتن بوبر: إن روح الشعب والقداسة هما شئ واحد، وتحت هذه يتم تبرير كل الجرائم الصهيونية والتصرفات الإجرامية ضد الإنسانية والتى ترتكب ضد كل ما يقع فريسة للجيش الإسرائيلى. وفى إحدى القصص الأكثر شيوعاً- فى إسرائيل – تتحدث عن بطة برية فاضلة تم اصطيادها وذبحها وتحويلها إلى طبق شهى لكى يتناوله حاخام مقدس، فهذه البطة تعتبر قد تم تخليصها من خلال أكلها بواسطة رجل مقدس.
وعلى ذلك كما ترى جوش أمونيم ” إن اليهود ليسوا شعباً عادياً ولا يمكنهم أن يكونوا كذلك فتفردهم الأبدى هو نتاج العهد الذى عاهدهم به الرب فى جبل سيناء” (20).
المراجع
12 ) موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية جـ 5 ص 36
13 ) نفسه جـ 5 ص 36
14 ) الأصولية اليهودية جـ 2 ص 46
15 ) موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية جـ 5 ص 37
16 ) نفسه جـ 2 ص 68
17 ) نفسه جـ 2 ص 68
18 ) موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية جـ 5 ص 37
19 ) نفسه جـ 5 ص 36
20 ) الأصولية اليهودية جـ 2 ص 67
موضوعات تهمك: