كل المؤشرات تقود إلى أن ترامب أصبح ضعيفاً، وأنه أتى بمرشحين أضعف في الانتخابات النصفية، ما أدّى إلى هذا الفشل الجمهوري.
أعلن ترامب ترشحه مجدداً للرئاسة في 2024 رغم نصائح مستشاريه بتأجيل الخطوة، إذ تبدو متسرّعة بعد فشله في إيصال مرشحيه إلى الكونغرس.
تؤكد قراءات أكثر عمقاً بقاء ترامب رقماً صعباً في المعادلة الانتخابية وأن 50% من الناخبين الجمهوريين سيصوتون له إذا ما ترشح للرئاسة مجدداً.
يتذكر كثيرون كيف تمكن ترامب، من قلب الأوضاع لصالحه، مرّات عدة، أو الخروج قوياً حين كان يتوقع سقوطه، منذ أن ترشح للرئاسة في 2016.
* * *
انقلب الإعلام المحافظ في الولايات المتحدة على الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، إذ توالت منذ بدء صدور نتائج انتخابات الكونغرس النصفية، التي أجريت في 8 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، التقارير ومقالات الرأي، في إعلام الجمهوريين، التي تتحدث عن “مرحلة ما بعد ترامب”، معزّزة بتصريحات وأحاديث لقياديين في الحزب، حمّلوا الرئيس السابق مسؤولية عدم تحقيق الحزب “الموجة الحمراء” التي وعد فيها بالانتخابات.
ومع تحصيل الحزب الجمهوري أكثرية ضئيلة جداً في مجلس النواب، واحتفاظ الديمقراطيين بالسيطرة على مجلس الشيوخ حتى من دون الحاجة إلى انتظار انتخابات الإعادة في ولاية جورجيا، التي ستجري الشهر المقبل، يقف الجمهوريون، اليوم، على أعتاب مرحلة مراجعة، تحضيراً لانتخابات الرئاسة في 2024.
مراجعة جمهورية قبل انتخابات 2024
ويتذكر المحافظون في الأثناء، أن ترامب، الذي فاز في انتخابات الرئاسة في 2016، بأصوات كبار الناخبين، وليس بالأصوات الشعبية، أفقدهم مجلس النواب في 2018، ثم المجلسين في 2020، والبيت الأبيض، وصولاً إلى عدم تمكن الحزب، من غلبة الديمقراطيين الذين ينتمي الرئيس الحالي جو بايدن إليهم، في انتخابات نصفية لا تميل عادة إلى حزب ساكن البيت الأبيض.
لكن رغم أن كل المؤشرات تقود إلى أن ترامب أصبح ضعيفاً، وأنه أتى بمرشحين أضعف في الانتخابات النصفية، ما أدّى إلى هذا الفشل، إلا أن قراءات أكثر عمقاً تؤكد بقاءه رقماً صعباً في المعادلة الانتخابية، وأن 50 في المائة من الناخبين الجمهوريين سيصوتون له إذا ما ترشح للرئاسة مجدداً.
وقد أعلن ترامب، يوم الثلاثاء، من مارآلاغو في فلوريدا، ترشحه مجدداً للرئاسة في 2024، على الرغم من تلقيه لنصائح من عدد من مستشاريه بتأجيل الخطوة، خصوصاً أنها قد تبدو متسرّعة، بعد فشله في إيصال مرشحين دعمهم إلى الكونغرس.
وفي اليوم ذاته، يصدر كتاب لنائب الرئيس السابق، مايك بنس، بعنوان “أعِنّي يا رب”، تطرق فيه إلى آخر أيامه مع ترامب، وأحداث سبقت وتلت اقتحام مناصري ترامب مقر الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني 2021، لمنع المصادقة على فوز بايدن بالرئاسة.
ويقدّم بنس، نفسه، في الكتاب، وهو المتدين والمحافظ جداً، كرجل دولة، لم ينسق إلى محاولات ترامب الانقلاب على نتائج الانتخابية الرئاسية قبل عامين، فيما أشارت صحيفة “واشنطن بوست”، في تقرير لها أمس، إلى أنه قد يعلن ترشحه للرئاسة بحلول الربيع المقبل.
جمهوريون ينافسون ترامب على قيادة الحزب
وتبحث أسماء جمهورية عدة، من بينها وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، وحاكم نيوجرسي السابق كريس كريستي، وحاكم فيرجينيا غلين يونغكين، وكذلك السيناتور عن كارولينا الجنوبية تيم سكوت، وهو من أصول أفريقية، فرصها لخوض سباق الرئاسة في 2024، وقبله الحصول على ترشيح الحزب في الانتخابات التمهيدية، علماً أن إعلان ترشح ترامب أمس، قد يقطع الطريق على الكثير من هذه الأسماء، وقد يحفز بعضها على المنافسة.
ومن الأسماء التي لم تخف رغبتها في خوض السباق، حاكم ماريلاند السابق، لاري هوغان، الذي سيناقش مستقبله السياسي في تجمع بأنابوليس في 30 نوفمبر الحالي.
لكن أكثر الأسماء لمعاناً، يبقى اسم حاكم ولاية فلوريدا، رون دي سانتيس، الذي فاز بانتخابات الحاكمية مرة جديدة أخيراً، متخطياً منافسه الديمقراطي شارلي كريست، بأكثر من مليون صوت، فيما كان حصل على المنصب في 2018، بـ49.6 في المائة من الأصوات، مقابل 49.2 في المائة للديمقراطي أندرو جيلوم، ما تطلب إعادة فرز الأصوات.
وحقّق دي سانتيس، سابقة، في الانتخابات النصفية التي حصلت الأسبوع الماضي، بفوزه في مقاطعة ميامي دايد في الولاية، التي لم يفز بها أي مرشح جمهورية لمنصب الحاكم منذ عقدين، وتسكنها غالبية من أصول إسبانية. ولأنه يدرك أن دي سانتيس هو منافس جدّي له، ادعى ترامب، الخميس الماضي، من دون تقديم دلائل، أنه أرسل عملاء فيدراليين في 2018، حين كان رئيساً، إلى فلوريدا، لمنع “سرقة” الانتخابات من دي سانتيس، بعد إعادة فرز الأصوات.
لكن “إطلاق النار” بين المرشحين المحتملين لدى الحزب الجمهوري للرئاسة المقبلة، لا يمنع أن هذا الحزب يشهد حراكاً جديّاً للبحث عن شخصية بإمكانها قيادته، وإيصاله إلى البيت الأبيض، في مرحلة ما بعد ترامب. ويجري الحديث بحسب “واشنطن بوست”، بين مانحين ومسؤولين وطامحين للرئاسة، يرون أن الفرصة مؤاتية الآن لإزاحة ترامب جانباً، وإطلاق جيل جديد من القياديين.
والكثير من هؤلاء، يلقون باللوم على ترامب في خسارة “الموجة الحمراء” في الانتخابات النصفية. وذهب بعض المانحين، فعلياً، لمحاولة دعم مرشحين آخرين للرئاسة غير ترامب، وبحسب مسؤولين في الحزب، على علاقة بهم، فإن هؤلاء المانحين “سئموا من ترامب”، والعديد منهم يفرطون في مديح دي سانتيس، الذي يروّج لنفسه على أنه نسخة معتدلة من ترامب.
ومتعجباً من خسارة الانتخابات، قال مارك شورت، وهو كبير الموظفين السابق في مكتب بنس، حين كان الأخير نائباً لترامب، للصحيفة إنه “كانت جميع المسائل (الانتخابية) لصالحنا، التضخم والحدود والجرائم، ومع ذلك خيّبنا التوقعات”.
وتساءل: “هل هناك مرشحون آخرون (غير ترامب) هناك في الخارج، بإمكانهم التعامل مع المسائل ذاتها، ولكن بطريقة مختلفة تصبّ في صالحنا؟”.
لكن الكثيرين يتذكرون كيف تمكن ترامب، من قلب الأوضاع لصالحه، مرّات عدة، أو الخروج قوياً حين كان يتوقع سقوطه، منذ أن ترشح للرئاسة في 2016، ونافس السيناتور الراحل جون ماكين على ترشيح الحزب، ثم هزم الديمقراطية هيلاري كلينتون في الانتخابات، رغم خروج فيديو خلال الحملة حول نزواته النسائية.
كذلك يملك ترامب قاعدة شعبية لا يستهان بها. وقال ويت آيرز، وهو منظم استطلاعات رأي لصالح الحزب الجمهوري، للصحيفة، إن القاعدة الانتخابية للحزب، يمكن تقسيمها إلى ثلاث شرائح: شريحة صغيرة، بحدود 10 في المائة، هم “من الذين لن يكونوا أبداً ترامبيين”، وشريحة أكبر، بحدود 40 في المائة، وهم من “الترامبيين الدائمين”، والذين لن يتخلوا عنه مهما حصل، أما الشريحة المتبقية (50 في المائة)، فهم “ترامبيون ربما”، وصوّتوا للرئيس السابق مرتين، وتعجبهم سياساته، لكنهم يريدون اليوم الهروب من الفوضى التي ترافقه.
المصدر: العربي الجديد
موضوعات تهمك: