بقلم: عبد الرحمن الراشد
ربما يسقط الأسد من على كرسيه والمعارضة لاهية في خلافاتها حول قيادة المجالس وكراسيها، ويكون الثوار قد ذهبوا بالحكم إلى عالم آخر، أو أن المعارضة في الخارج تجزأت فئات شتى وقسمت الأرض المحررة.
اجتماع الدوحة، بعد لقاء عمان، سد جزءا من الشقوق، لكن بقيت المجالس الكبيرة تعيش في دوائر متنافسة والوقت يمضي سريعا داخل سوريا والمخاطر تتعاظم.
رياض سيف معارض يحظى بتقدير معظم المعارضة، والمشروع السياسي الذي قدمه حديثا يرقى إلى مستوى المناسبة، ويضع إطارا واضحا في الكيفية التي يمكن أن تسير بها المعارضة بشكل عام، بغض النظر عن مضيفيها والضغوط الخارجية المعاكسة. إنما لا قيمة للمبادرة دون تنازلات حقيقية عند كل الأطراف للعمل داخل إطار واحد، تكون كيان النظام البديل.
المجلس الوطني الحر له الريادة في قيادة المعارضة في الخارج مبكرا، مع هذا أخفق في استيعاب القوى السورية المتعددة، التي تمثل الأطياف المختلفة. ولأنه صار ناديا شبه مغلق، قامت لقاءات ومجالس أخرى حتى أيقظت سوريي إسطنبول. من وجهة نظر الجالس بعيدا، ستشكل الأيام الحالية مستقبل سوريا، فإن اتفق الجميع ستكون سوريا موحدة، أما إن ظلت الخلافات قائمة فستنقسم سوريا وتفشل الثورة، وربما تتحول إلى حرب أهلية؟ هل يدرك الجالسون في الغرف المكيفة هذه المعادلة الخطيرة على مستقبل بلادهم بسببهم؟
لا يعقل أن تلام الدول الإقليمية الرئيسية، والدول الغربية، عندما تتلكأ، والمعارضة نفسها ترفض التضحية بمصالحها من أجل دعم شعبها. الإطار العام الذي طرحه وأيده الرياضان، رياض سيف ورياض حجاب، يبقى الأوسع في جمع الفئات المختلفة، إن قبلت به.
وطالما أننا نحاول فهم أعراض مرض فشل المعارضة السورية، نتذكر سيرة المعارضة العراقية التي فشلت في إسقاط نظام صدام ما بين أعوام 1993 و2003. على الرغم من تهشيم معظم قدرات قوات صدام حينها، ومحاصرته، وتطبيق الحظر الجوي على ثلثي سماء العراق، ونجاح الأكراد في تأسيس منطقة محررة في الشمال، ظل صدام واقفا على قدميه والمعارضة تتناحر في الفنادق، وتلقي باللوم على الغرب، مشككة ومتهمة. لماذا لم يسقط جزار بغداد؟ كانت تريد من غيرها أن يقوم بوظيفتها. طبعا لو أن ظروف الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) لم تحدث، لربما بقي صدام يحكم العراق إلى اليوم.
لا نستطيع تشبيه حال سوريا اليوم بحال العراق آنذاك، لكن نرى قواسم مشتركة عند المعارضين، لوم الغير، وإيثار المصالح الضيقة، وهي ليست بالضرورة شخصية، إنما التمسك بالمصالح الفئوية وتقديمها على مصالح البلد الذي يجلس على حافة الهاوية.