التمسّك باحتلال 67 عابر لأحزاب إسرائيل

محمود زين الدين22 يناير 2023Last Update :
احتلال 67

التصويت على مشروع قانون تمديد العمل بأنظمة الطوارئ بالضفة أثبت، بكلّ جلاء، أنّ التمسّك باحتلال 67 عابر للأحزاب الإسرائيلية كافة.
وُضعت أنظمة الطوارئ بالضفة الغربية في 1967 وتمدد كلّ 5 أعوام لتنظيم علاقة المستوطنين (“مواطنين إسرائيليين خارج الحدود”) وقوانين إسرائيل.
ما عاد ممكنًا، حاليًا، إخفاء حقيقة أنّ إسرائيل دولة عنصرية، وأن أغلبية مواطنيها تؤيد نظام الأبارتهايد (الفصل العنصري) في أراضي 1967 المحتلة.
يمثل صعود أمثال بن غفير ردّا على “وسطيين”، أمثال لبيد ظنَّوا إمكان الاستمتاع بالحياة بتل أبيب واستمرار الاحتلال ونظام الأبارتهايد (الفصل العنصري).
تسمح أنظمة الطوارئ لإسرائيل بسجن فلسطينيين في (أراضيها) رغم منع القانون الدولي أي قوة الاحتلال من محاكمة أو الحكم بسجن سكان أراضٍ محتلة خارج حدودها.
* * *

بقلم: أنطوان شلحت

قرّرت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 30 ديسمبر 2022 التوجّه إلى محكمة العدل الدولية بطلب تقديم وجهة نظرها القانونية بشأن التداعيات القانونية الناجمة عن خرق إسرائيل المستمر حقّ الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، والاحتلال المستمر لأراضي 1967، والمستوطنات، والضم، بالإضافة إلى الخطوات الإسرائيلية التي تهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية بالقدس وشكلها ومكانتها وتبنّي قوانين وخطوات عنصرية في هذا السياق.
وردت إسرائيل على القرار بأقرار الكنيست يوم 9 يناير الحالي مشروع قانون تمديد العمل بأنظمة الطوارئ التي تطبّق القانون الإسرائيلي على أراضي الضفة الغربية، والمعروف باسم قانون نظام الأبارتهايد أو الفصل العنصري، بالقراءة الأولى.
ووضعت أنظمة الطوارئ في الضفة الغربية لأوّل مرة في عام 1967، ويجري تمديدها مرّة كلّ خمسة أعوام، سعيًا إلى تحقيق عدة أهداف، في مقدمها تنظيم العلاقة بين المستوطنين (وهم بحسب تعريفهم القانوني “مواطنون إسرائيليون يعيشون خارج الحدود الرسمية لإسرائيل”) والقوانين الإسرائيلية.
فضلا عن ذلك، تسمح هذه الأنظمة لإسرائيل بسجن فلسطينيين في أراضيها، على الرغم من أنّ القانون الدولي يمنع أي قوة احتلال من محاكمة أو إصدار حكم بالسجن بحقّ سكان أراضٍ محتلة واقعة خارج حدودها.
ويبقى الأهم في كلّ هذه الوقائع أنّ التصويت على مشروع قانون تمديد العمل بتلك الأنظمة أثبت، بكلّ جلاء، أنّ التمسّك باحتلال 67 عابر للأحزاب الإسرائيلية كافة، رغم اختلافها الحالي في كلّ ما يتعلق بالإجراءات التي تخطّط الحكومة الحالية لاتخاذها بغية القضاء على القضاء.
فإلى جانب الأحزاب الشريكة في الائتلاف الحكومي الحالي من اليمين المتطرّف القوميّ والدينيّ، أيّدت مشروع القانون جميع الأحزاب في المعارضة باستثناء الأحزاب العربية وحزب العمل.
وهذا الأخير سوّغ معارضته لا بدافع قيمة أخلاقية، وإنما بسبب وجود وزير من تيار الصهيونية الدينية في وزارة الدفاع مسؤول عن أراضي 1967، ما قد يعزّز نزعات ضمّ هذه الأراضي، ويضاعف التهديد لطابع إسرائيل دولة يهودية من ناحية ديموغرافية.
في هذا الشأن، لا بدّ من التذكير بأنّ الحكومة الإسرائيلية السابقة، التي كان ائتلافها يضم حزبًا عربيًا إسلاميًا وحزب ميريتس، المحسوب على أقصى “اليسار الصهيوني”، حاولت تمديد أنظمة الطوارئ هذه، ولكن محاولتها باءت بالفشل.
وعلى خلفية ذلك، قرّر رئيسها، نفتالي بينت، حلّ الحكومة نظرًا إلى أن من شأن مثل هذه الخطوة أن تؤدّي إلى ذلك التمديد على نحو أوتوماتيكي، قبل أن ينتهي سريان مفعول تلك الأنظمة. بكلمات أخرى، أنهت تلك الحكومة ولايتها بإعلان نوايا صريح أنها متمسكة بأراضي 1967 المحتلة حتى ولو بثمن الذهاب عن سبق إصرار نحو انتخابات مبكرة قد لا تضمن بقاءها.
في واقع الأمر، يقرّ مزيدٌ من الإسرائيليين يومًا بعد آخر أنّ جانبًا من تحصيل حاصل تجربة الحكومة السابقة وملامح الحكومة الحالية أنه ما عاد ممكنًا، اعتبارًا من الآن، إخفاء حقيقة أنّ إسرائيل هي دولة عنصرية، وأن أغلبية مواطنيها تؤيد نظام الأبارتهايد (الفصل العنصري) في أراضي 1967 المحتلة.
ففي الحكومة الراهنة، لن يكون من يحاول إخفاء ذلك، كما فعل يئير لبيد وبيني غانتس في الحكومة السابقة. كما يشدّد بعضهم على أن كثيرين من أولئك الذين يعربون الآن عن قلقهم حيال وضع جهاز القضاء والمساواة بين المواطنين ومجموعة من القضايا الأُخرى التي على وشك أن تتغيّر جذريًا، هم أنفسهم الذين تجاهلوا الفلسطينيين وممارسات إسرائيل في أراضي 1967 المحتلة.
في حين أصبح من الصعب الحفاظ على الاحتلال والسيطرة عسكريًا على ملايين الفلسطينيين، والمحافظة بموازاة ذلك على “ديمقراطية ليبرالية” لم تكن كذلك أصلا.
وبقدر ما إنّ الصعود السريع لسياسيٍّ فاشيٍّ مثل إيتمار بن غفير، أحد سكان مستوطنة كريات أربع، الذي يؤمن بتعاليم مئير كهانا ويمتدح الحاخامات العنصريين، أوضح الهوية السياسية لإسرائيل الآن فقد كان بمثابة الردّ على “وسطيين”، أمثال لبيد ظنَّوا أنّ من الممكن الاستمتاع بالحياة في تل أبيب، والاستمرار في الاحتلال ونظام الأبارتهايد (الفصل العنصري).

*أنطوان شلحت كاتب وباحث في الشأن الإسرائيلي

المصدر: العربي الجديد

موضوعات تهمك:

هل يراهن البعض على “المعارضة الإسرائيلية”؟

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Breaking News