التقرب من البعث نكاية بالحشد!
- التاريخ يعاقب العبث الاستراتيجي عاجلاً أم آجلاً والتقرّب من البعث نكاية بالحشد أو بإيران أو بحكومة بغداد نوع من ذلك العبث.
- عقد حزب البعث مؤتمرات في معظم عواصم الخليج، وهناك ترحم على البعث ورموزه نكاية بإيران، وليس حباً في البعث.
- هناك مزاج عراقي لقبول البعث بل إن نشيد حزب البعث تم عزفه في جامعة ذي قار نكاية بالحكم الراهن.
* * *
بقلم | ظافر محمد العجمي
واقع العلاقات الدولية الفعلي هو التغير بحثاً عن المصلحة، وما الثبات إلا لحظة ترقّب. والدليل هو الجمل التبريرية التي يكررها الدبلوماسيون بشكل ممل على أن سياسة بلدهم «ثابتة» فلو كانت ثابتة لما بزغ السؤال أصلاً! فالتغير مقبول لكن العبث غير المحسوب مرفوض.
نقول ذلك ونحن بصدد تتبع التغيرات في العلاقات العربية العراقية التي يبدو أنها تسير باتجاه التقارب، سواء لأسباب خليجية عروبية أو بدوافع أميركية. فمن المتغيرات تجاسر حكومة بغداد على نفوذ الحشد الشعبي، يسندها التجاسر الشعبي ضد نفوذ إيران -ولية نعمة الحشد- وتم خلاله حرق قنصليتها في البصرة، وتحول ملف العراق من يد سليماني إلى يد ظريف.
أما المتغير الأكثر لفتاً للنظر فهو عودة حزب البعث إلى الأضواء ليس في العراق، ولا في الدول العربية فحسب، ولا في دول الخليج التي كانت غريمة له منذ أغسطس 1990، بل في أميركا التي أهدرت دمهم 2003. فكيف قفز رجال البعث من صور عليها أثمان رؤوسهم في أوراق اللعب (الجنجفة أو البته أو الكوتشينة) إلى حزب ورجال ومؤتمرات ومشروع سياسي!
لقد كان البعث شبح هرم يقوده الهرم عزة الدوري، ويبث رسائل مصورة مرتجفة في مناسبات مختلفة. ثم تغير الأمر فعقد حزب البعث في يناير 2019 مؤتمراً كبيراً في الولايات المتحدة في ولاية ميشيغَن معقل العرب بأميركا.
وبدأ في تسويق رجال جدد كأيهم السامرائي، والفريق الركن عبد الواحد شنان آل رباط (شيعي) من السماوة، وأحد أزلام صدام في خيمة صفوان. ويمكننا القول إن من أسباب عودة البعث:
– خطايا المالكي التي لم تشمل فقط أن نوازعه الطائفية كانت المحرك لظهور داعش، ولا إهماله الجيش والاستعانة بالحشد الشعبي، وهو ميليشيا لا ترقى لقوات نظامية عريقة، بل أكبر خطاياه كانت الفشل في اجتثاث البعث، رغم حل الحزب وتجريمه منذ عام 2003.
– هناك مزاج عراقي لقبول البعث، فالنائب فائق الشيخ علي يصف البكروصدام بالنظافة والطهر مقارنة بالساسة الحاليين. بل إن نشيد حزب البعث تم عزفه في جامعة ذي قار نكاية بالحكم الحالي.
– أما الخليجيون فأمْرُهمْ فوْضَى بينهم، فقد عقد الحزب مؤتمرات في معظم عواصم الخليج، وهناك ترحم على البعث ورموزه نكاية بإيران، وليس حباً في البعث. وبقيت الكويت التي ترددت في مطاردة البعثيين كالنازيين. مما أعاد البعثيين للتقرب منا.
فقد جف ريق الدوري وهو يعتذر بأن ما حدث كان «احتلالاً يمثل خطأً استراتيجياً وأخلاقياً» وأن «الكويت ليست جزءاً من العراق، بل العراق جزء من الكويت»، والتي ربما أطلقها كرد فعل على أخبار تقارب الرياض وبغداد.
إن التاريخ يعاقب العبث الاستراتيجي عاجلاً أم آجلاً، وما التقرّب من البعث نكاية بالحشد، أو بإيران، أو بحكومة بغداد، إلا نوع من ذلك العبث.
* د. ظافر محمد العجمي المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج
المصدر | العرب – الدوحة
موضوعات تهمك:
الاقتصاد السياسي للكوارث في العراق
عذراً التعليقات مغلقة