أعلن السفير الأميركي لدى إسرائيل توماس نيدس أنه في ظل سياسة الحكومة الإسرائيلية الخاصة بالبناء الاستيطاني بالضفة، فهو لن يتعامل مع أي وزير في الحكومة وستقتصر العلاقة على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
واعتبر إسرائيليون ما تضمنه خطاب بلينكن في المؤتمر السنوي لمنظمة “جي ستريت” يحمل أكثر من إشارة وتلميح لإسرائيل وينذر بتدهور العلاقة بين البلدين.
مجرد ظهور بلينكن في مؤتمر “جي ستريت”، أثار نقاشاً بل قلقاً بين الإسرائيليين لما تحمله هذه المنظمة من مواقف لا تروق لمتخذي القرار في تل أبيب.
مدير عام “جي ستريت” في تل أبيب نداف تمير لم يعلق على خطاب بلينكن، لكنه شدد على مدى أهمية ما تناوله المؤتمر ومضمون الخطابات والمناقشات خلال انعقاده.
* * *
في موازاة ما تشهده إسرائيل من توتر متصاعد بين الحكومة وأحزاب ائتلافها من جهة، والمعارضة ومؤسسات قانونية وسياسية واجتماعية من جهة أخرى، تلقى الإسرائيليون أكثر من تلميح أميركي يحذر من احتمال تدهور العلاقة بين تل أبيب وواشنطن بسبب سياسات الاستيطان.
ففي وقت يناقش الإسرائيليون ما تضمنه خطاب وزير الخارجية الأميركي توني بلينكن خلال المؤتمر السنوي لمنظمة “جي ستريت” في شأن التزامات الإدارة الأميركية بـ”حل الدولتين”، أعلن السفير الأميركي لدى إسرائيل توماس نيدس أنه في ظل سياسة الحكومة الإسرائيلية الخاصة بالبناء الاستيطاني بالضفة، فهو لن يتعامل مع أي وزير في الحكومة وستقتصر العلاقة على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ونقل نيدس موقف واشنطن الرافض لأي نشاط استيطاني في القدس والضفة والداعي إلى بذل جهود للحفاظ على رؤية “حل الدولتين”.
هذا الموقف جاء مع الإعلان عن موعد وصول مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان وبلينكن إلى تل أبيب، الخميس، لكن يبدو أن الحكومة الإسرائيلية لا تأبه له، إذ خرج النائب عن حزب الليكود يولي أدلشتين بعد لقائه نيدس ليؤكد أن حكومته تخطط لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية رغم اعتراضات إدارة بايدن.
وترفض الحكومة الإسرائيلية التراجع عن هذا الموقف، بل إن أدلشتين أصدر بياناً في أعقاب لقاء نيدس أسهم في تصعيد التوتر مع الأميركيين عندما قال إن “موقف الحكومة كان واضحاً أمام السفير الأميركي بأن البناء الاستيطاني في الضفة أمر حيوي وضروري ولن نتراجع عنه”.
أدلشتين ذكر أيضاً أن الملف النووي اتخذ حيزاً مهماً في لقائه مع السفير الأميركي، قائلاً “التهديد النووي هو أهم قضية وسنعمل على التزامنا المتبادل مع واشنطن لحل هذه الأزمة”.
النووي الإيراني
على عكس ما أبداه عضو الكنيست أدلشتين بعد لقائه نيدس من ارتياح كما لو أن هناك تفاهمات بين واشنطن وتل أبيب، يشكل الملف النووي الإيراني قلقاً متزايداً لدى متخذي القرار في إسرائيل وتبذل الجهود إلى حين وصول سوليفان وبلينكن على أمل وضع تصور خاص يضمن الحفاظ على العلاقة بين الجانبين لاستمرار مواجهة النووي الإيراني بتفاهمات بينهما تتضمن الشروط التي تضعها إسرائيل.
واعتبر إسرائيليون ما تضمنه خطاب بلينكن في المؤتمر السنوي لمنظمة “جي ستريت” يحمل أكثر من إشارة وتلميح لإسرائيل وينذر بتدهور العلاقة بين البلدين.
وتوجه نائب رئيس معهد القدس للاستراتيجية والأمن جنرال احتياط عيران ليرمن إلى الحكومة الإسرائيلية محذراً من تجاهل نقاط بارزة في خطاب بلينكن، معتبراً أن الخطاب “حمل رسالة تماهٍ للإدارة الأميركية مع مواقف المنظمة وأهدافها، وفي مقدمتها دعمها المستمر لحل الدولتين وكذلك دعم الاتفاق النووي مع إيران”.
وشدد بلينكن على التزام الولايات المتحدة دعم تسوية سياسية “على أساس خطوط 1967 مع تبادل أراض متفق عليها”، مؤكداً أن الإدارة الأميركية ستعارض بشدة أي إجراءات تهدف إلى جعل تحقيق هذه الرؤية في غاية الصعوبة، بما في ذلك توسيع الاستيطان اليهودي، كما حذر من التحريض على العنف.
يقول ليرمن إن بلينكن، إلى جانب الموقف الواضح إزاء الاستيطان وسياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين، أشاد بـ”اتفاقات أبراهام” وأعرب عن دعمه لها ولتوسيعها، مشيراً إلى أن “الولايات المتحدة تعتبر توسيع العلاقات الإسرائيلية من الضمانات لأمنها، وفي الوقت نفسه، لا يمكن أن يكون السلام بين الدول العربية وإسرائيل بديلاً عن التسوية مع الفلسطينيين، وهو أمر ضروري ضمن أمور أخرى للحفاظ على صورة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية”.
وفي الشأن الإيراني، تطرق بلينكن إلى مساعي الإدارة الأميركية للتوصل إلى تسوية سياسية في شأن الملف النووي، وفي هذا الجانب يكمن التخوف الإسرائيلي من أن تؤدي سياسة الحكومة الإسرائيلية إلى تغيير أسلوب التعامل الأميركي مع تل أبيب في مختلف القضايا وفي مركزها الملف الإيراني.
وتوجه ليرمن إلى الحكومة الإسرائيلية داعياً إياها إلى عدم تجاهل إشارات عدة تصل من الإدارة الأميركية “وأيضاً من اليسار الأميركي وبين يهود الولايات المتحدة، إذ يكمن أساس القلق في إسرائيل في عدم القدرة على عرض مواقف وأفعال تظهر نوعاً من الموافقة الإسرائيلية على بعض المطالب الأميركية”.
وأضاف، “على الحكومة الإسرائيلية بذل جهد مركز ومنسق للحديث إلى المسؤولين في الإدارة الأميركية وإلى أصدقاء إسرائيل في الكونغرس وأيضاً إلى قيادة يهود الولايات المتحدة في محاولة لخفض مستوى اللهيب. وفي ظل القيود السياسية، من المهم في الوقت الحالي لمواجهة المشروع النووي، تجنب إجراءات في مجالات حساسة مثل توسيع المستوطنات أو التغييرات في قانون العودة التي ستؤدي إلى تفاقم الأزمة وتجعل من الصعب حشد الدعم للموقف الإسرائيلي”.
نبوءة تجسد نفسها
مجرد ظهور بلينكن في مؤتمر “جي ستريت”، أثار نقاشاً بل قلقاً بين الإسرائيليين لما تحمله هذه المنظمة من مواقف لا تروق لمتخذي القرار في تل أبيب.
مدير عام “جي ستريت” في تل أبيب نداف تمير لم يعلق على خطاب بلينكن، لكنه شدد على مدى أهمية ما تناوله المؤتمر ومضمون الخطابات والمناقشات خلال انعقاده.
وبحسب تمير “لا يمكننا كإسرائيليين مواصلة الادعاء بأننا الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط وبأن موقف معظم الدول ضدنا غير أخلاقي كونها ليست ديمقراطية، وفي الوقت نفسه نسحق نحن الديمقراطية في إسرائيل”، مردفاً “الادعاء بأن العالم كله ضدنا قد يصبح نبوءة تجسد نفسها إذا ما واصلنا الاحتلال وانتهاك حقوق الأقليات والمس بالمؤسسات التي تسمح لنا بأن نكون جزءاً من الأسرة الدولية للديمقراطيات الليبرالية التي تحترم القانون الدولي”.
المصدر: إندبندنت عربية
موضوعات تهمك: