ليس عبثا أن يضرب الأدب الشعبي الأمثال للأجيال التالية بنفس منهج الله.
تبًا لنا إن داست أقدامنا على الأدب الشعبي واستنكرنا قيمته الحقيقية، أو سخرنا منه، ولا يغفر لنا ذلك إلا إن عدنا لاستقراء هذا الأدب.
ليس عبثا أن يضرب الله الأمثال لكل شيء في آخر الكتب السماوية، لآن لها فائدة دنيوية مستقبلية فضلا عن فائدة أخروية، يعد الله بها، ومن أوفى بعهده من الله!
ينبغي النظر في تداعيات الأدب الشعبي والتفكر في أبعادها، والاستفادة منها في هذا العصر وكيف يمكن أن نبني عليه رؤية مستقبلية تقوم على دراسة واعية متعمقة.
كيف يمكن استقراء الأدب الشعبي؟ ينبغي تجاوز الترديد الوصفي والتحليل السطحي أو النقد الساخر أو المستحسن، بل ينبغي العودة للعصر الذي أتى منه، والبيئة التي نضج فيها والقوم الذي صدر منهم.
* * *
مما يؤسف له أن الدراسات التي نراها تتعلق بالأدب الشعبي ليس لها إلا إما الحفاظ على التراث الشعبي أو المناهج التي عفا عليها الزمن، فلا تتجاوز الوصف أو التحليل أو بيان المحاسن في النقد، وهو في رأيي إساءة إلى قيمة الأدب الشعبي من التراث القديم إلى اليوم.
فهذا الأدب نتج عن روح الإنسان وفكره المعبر عن جهوده الحضارية، ومن ثم فهو غرس زرع لينبت وينمو ويستفاد به، كتجربة عاشها الشعب وسجل مختصرا من مضمونها لكي تكون آية، ومثلها في ما يقال عن الشيخ الذي يزرع نخلة فيقال له هل تضمن عمرا يجعلك تأكل من ثمارها فيقول زرع من قبلنا فأكلنا ونزرع ليأكل من بعدنا.
لكن المثل الأكبر والأهم والأكثر قيمة هو ما أورده الله سبحانه في كتابه العزيز من قصص السابقين، لكننا كنا سطحيين في الاستفادة منها، رغم علمنا أنها باقية إلى يوم القيامة يحفظها الله للأجيال تلو الأجيال دون ما نقص، بمعنى أنه يريد أن يقول لهذه الأجيال أن ما أورده من قصص السابقين جدير بأن يستقرأ من كل جيل.
إن هذا التوجيه الرباني لجدير بالاتباع في دراسة كل ما سبق من تاريخ ومن أدب، خاصة الأدب الشعبي، لأنه تعبير حكيم عن تجارب حضارية قد يبدو في ظاهرها شكل التسلية، لكنها إذا درست دراسة إستقرائية سوف نصل منها إلى أبعاد لا تخطر على بال من عظيم فائدتها للحاضر والمستقبل.
ليس عبثا أن يضرب الله الأمثال في كل شيء في آخر الكتب السماوية، إلا أن تكون لها فائدة دنيوية مستقبلية فضلا عن فائدة أخروية، يعد الله بها، ومن أوفى بعهده من الله!
من ثم ليس عبثا في المقابل أن يضرب الأدب الشعبي الأمثال للأجيال التالية بنفس منهج الله.
تبا لنا إن داست أقدامنا على الأدب الشعبي واستنكرنا قيمته الحقيقية، أو سخرنا منه، ولا يغفر لنا ذلك إلا إن عدنا لاستقراء هذا الأدب.
كيف يمكن استقراء الأدب الشعبي؟ ينبغي أن نتجاوز الترديد الوصفي والتحليل السطحي أو النقد الساخر أو المستحسن، بل ينبغي أن نعود إلى العصر الذي أتى منه، والبيئة التي نضج فيها، وشخصية الإنسان أو القوم الذي صدر منهم.
وهذا بمثابة وضع النقاط على الحروف ثم لننظر ماذا كانت تداعيات ما ورد في هذا الأدب، ثم نتفكر في الأبعاد التي تضمنها، وكيفية الاستفادة منها في هذا العصر وهذه الظروف التي نعيشها، وكيف يمكن أن نبني عليه رؤية مستقبلية صحيحة تقوم على دراسة واعية متعمقة.
أرجو أن يمكنني المولى سبحانه وتعالى في وقت لاحق أن أقدم تطبيقا عمليا للاستقراء في الأدب الشعبي، والله الموفق والمستعان.
* د. محمد السعيد عبد المؤمن أستاذ الدراسات الإيرانية بكلية الآداب، جامعة عين شمس.
موضوعات تهمك: