الإخوان المسلمون والغرب: تاريخ من العداء والاشتباك

الساعة 255 سبتمبر 2018آخر تحديث :
الإخوان المسلمون والغرب: تاريخ من العداء والاشتباك
  • علاقة «الإخوان» بالغرب ملتبسة ومشكوكة وضبابية، وأحياناً ودية حسب ما تقضيه مصلحة الطرفين.
  • أبدى المؤلف دراية عميقة بالمنطقة والمراجع العربية لكن يؤخذ عليه ندرة التحليل وكثرة السرد.

 

عرض: البدر الشاطري

نشر أخيراً كتاب بعنوان «الإخوان المسلمون والغرب: تاريخ العداء والاشتباك» لكاتبه الأستاذ مارتن فرامبتن، والذي يدرّس التاريخ في جامعة كوين ميري البريطانية. ورغم أن فرامبتن كان مختصاً في التاريخ الحديث لبريطانيا وإيرلندا، إلا أن كتابه هذا يظهر دراية عميقة بالمنطقة وقدرة على استخدام المراجع العربية.

يقع الكتاب في ما يزيد على ستمئة صفحة ثلثه هوامش للمراجع التي استخدمها لكتابة الموضوع. ويرى الكاتب أن هناك أساطير عدة أحيطت بموضوع العلاقة بين الغرب و«الإخوان».

ويرى مهمته في هذا الكتاب تصويب الكثير من الجدل ووضع الأمور في نصابها كما تشير الوثائق التي حصل عليها في الأرشيفين البريطاني والأميركي، إضافة إلى كتابات قادة «الإخوان» أنفسهم.

ويدور الكتاب كما هو واضح من العنوان، حول تاريخ العلاقة بين تنظيم محلي ودول عظمى، ما يجعل السياق الدولي حاضراً في شكل صريح. بالتالي، فقد قسم الكاتب الموضوع إلى جزءين رئيسيين: الأول يتعلق بحركة «الإخوان المسلمين» في ظلال الإمبراطورية البريطانية. والقسم الثاني يدور حول الحركة ومآلها في العصر الأميركي.

أولاً: «الإخوان المسلمون» في ظل الحكم البريطاني

يتكون هذا الجزء من أربعة فصول تدور حول العلاقة الموتورة بين «الإخوان» وبريطانيا. ويتتبع الكاتب نشأة الحركة في مصر عام 1928 بقيادة حسن البنا. وقد تطورت الحركة كرد فعل على صعود التيارين الليبرالي واليساري على حساب الفكر الإسلامي. كما أن الحركة رأت في الوجود الأجنبي البريطاني وتزايد نفوذ الأخير تهديداً لهوية مصر والعالمين العربي والإسلامي.

وكانت التقارير التي يكتبها البريطانيون عن «الإخوان» تنم عن تحذير وتخوف منهم بسبب ما يرون أن الحركة معادية لما هو أجنبي، بخاصة بريطاني. وأن الحركة تتبنى نهجاً دينياً متعصباً ويصفونها أحياناً بالفاشية. وأنها حركة معادية للسامية بسبب مواقفها من فلسطين وعزم الصهاينة على إقامة وطن قومي لهم على حساب السكان الأصليين.

ولم تكن رؤية «الإخوان» تختلف عن بريطانيا، والذين كانوا يجزمون بمعادة الأخيرة الإسلام والمسلمين. فالشعور المتبادل بين الطرفين كانت تعتريه الريبة والشكوك في النوايا والعداء المستفحل.

ويتتبع الكاتب «الإخوان» وعلاقتهم بالحكم البريطاني بالترتيب الزمني ومن خلال السياسة الداخلية لمصر لجهة الأحزاب الوطنية مثل «الوفد» من ناحية والقصر من الناحية الثانية.

وقد حاول البريطانيون استمالة «الإخوان» بخاصة في ظروف الحرب العالمية الثانية، والتي شهدت تقدم دول المحور في شمال أفريقيا. بل كان هناك عرض مالي لدعم «الإخوان» من بريطانيا، إلا أنهم لم يقبلوا..

وقد سعت بريطانيا إلى قمع «الإخوان»، وما انفكت تؤلب الحكومات المتعاقبة من الوفد أو السعديين للقضاء عليهم. إلا أن قوى سياسية كثيرة ومن ضمنها القصر رأوا فائدة من استخدام الإخوان لتقوية موقفهم الداخلي أو التفاوضي مع بريطانيا. وكانت هذه الحكومات تسعى إلى إجلاء القوات البريطانية الموجودة في مصر، وفي منطقة السويس بالذات.

كما سعى «الإخوان: إلى تحقيق أجندتهم عبر تغيير تحالفاتهم من فصيل إلى آخر، والتلويح بحركات في الشارع لزعزعة الاستقرار في البلاد. ومع نهاية الحرب، بلغ «الإخوان» أوج نفوذهم وقوتهم.

وبسبب تزايد عنفوان «الإخوان» وقوتهم تزايد نشاط الحركة من حركة دعوية إلى حركة جهادية تمارس العنف ضد خصومها سواء بالقيام باغتيالات أو الدخول في مواجهات عسكرية مع الحركة الصهيونية، إضافة إلى حشد الجماهير ضد الوجود الأجنبي، والبريطاني بالذات.

وكان نتيجة لذلك أن تعرض المرشد العام الأول لـ«الإخوان» حسن البنا إلى الاغتيال، ما زاد تأجيج الشارع المصري.

وقد عرف الكاتب رد الفعل الحكومي على أعمال العنف من «الإخوان» بالمحنة بسبب ما نتج منها من سجن لكثير من أعضاء الحركة وحل الجماعة ومنعها من ممارسة النشاطات السياسية.

وبدلاً من أن تنخرط الحركة في إعادة تقييم للخط السياسي للحركة أو ممارسة النقد الذاتي، وقعت في سردية المؤامرة وأن كل القوى المعادية للإسلام والمسلمين سواء من الغربيين أو الصهاينة أو العلمانيين تواطأوا لقمع الحركة.

هكذا، بدأت السردية «الإخوانية» تتلمس لنفسها العذر وتدين الآخرين بالتآمر عليها. رغم أن الحركة نفسها حاولت أن تتحالف مع هذه القوى، بما فيها بريطانيا، لتحقيق مآربها السياسية.

وقد لعب الجهاز الخاص دوراً أساسياً في العمليات المسلحة، بخاصة ضد البريطانيين في منطقة القناة، ما زاد من قناعة البريطانيين بعدم جدوى الحوار مع حركة متطرفة وعنيفة.

وبدا للغربيين أن قيادة «الإخوان» فقدت السيطرة على الجهاز الخاص، وقد شاركت الحركة في خلق بلبلة في البلاد، ما ساهم في اندلاع ما عرف بحريق القاهرة في 1952. وما زال الفاعل لهذه الحرائق، والتي أتت على الأخضر واليابس مجهول الهوية.

ثانياً: «الإخوان» في ظلال العصر الأميركي

طور «الإخوان» علاقات مع الضباط الأحرار، ويروي الكاتب أن بعض هؤلاء الضباط كانوا من «الإخوان». ويضيف أن انقلاب 23 يوليو، والذي أطاح الملك فاروق كان بدعم من الحركة.

وقد تعهد «الإخوان» بتوفير القاعدة الشعبية للانقلاب العسكري. وعندما أطيح الملك، فضلوا أن يبتعدوا من الحكم العسكري. مع ذلك، شارك أحدهم في الحكومة وزيراً للأوقاف بعد أن استقال من التنظيم.

واستمرت العلاقة بين «الإخوان» ونظام مجلس قيادة الثورة بين شد وجذب. وقد بدأ التوتر يسود هذه العلاقة، بخاصة بعد أن رفضوا الانضمام إلى هيئة التحرير كحزب حاكم. وبسبب هذا التوتر مع النظام، بدأ «الإخوان» بالاتصالات مع الأميركيين لاستخدامهم كرافعة مقابل النظام.

وقد قام محمود مخلوف، رجل الأعمال ذو الارتباط الوثيق بقيادة «الإخوان» وصهر المرشد العام حسن الهضيبي، بزيارة إلى الولايات المتحدة للتحاور مع الحكومة الأميركية، بيد أنه قطع زيارته بسبب الممارسات العنصرية ضده.

ويبدو أن «الإخوان» كانوا يستثمرون كثيراً في العلاقة مع واشنطن. وفي أواخر عام 1953، غادر سعيد رمضان، صهر مؤسس «الإخوان المسلمين»، إلى الولايات المتحدة تحت رعاية وزارة الخارجية الأميركية لحضور ندوة في جامعة برينستون. وكانت الجولة تروم إلى تلميع صورة «الإخوان المسلمين» كجماعة معتدلة ومحافظة. وفي محاولة لكسب تعاطف إدارة دوايت آيزنهاور الجديدة، ركز رمضان على معادة «الإخوان» للشيوعيين. وقد تزايدت حدة الاتصالات بين «الإخوان» والديبلوماسيين الأميركيين في القاهرة لخطب ودهم وكسب تأييدهم مقابل النظام العسكري الحاكم.

وكما كان متوقعاً، حصلت مواجهة بين مجلس قيادة الثورة و «الإخوان». وقد كانت القشة التي قصمت ظهر البعير ما حصل في 12 كانون الثاني (يناير) 1954 من اشتباك بين طلبة ينتمون إلى «هيئة التحرير» وطلبة من «الإخوان» في جامعة القاهرة. وفي الأيام التي تلت هذا الحدث، كشفت الأجهزة الأمنية أسلحة كثيرة ووسائل اتصالات ومتفجرات في مخابئ «الإخوان». وقد قامت السلطات المصرية باعتقال كثير منهم بمن فيهم المرشد العام الهضيبي.

وعلى رغم أن البريطانيين والأميركيين رأوا أن المرشد العام الهضيبي يتسم بالاعتدال، إلا أن سيطرة المرشد العام على «الإخوان» كانت موقع شك. ولم يأخذ الغربيون محاوريهم من «الإخوان» بكثير من الجد. وعندما قمع عبدالناصر «الإخوان» وقام بحلهم، كان هناك ارتياح حذر في واشنطن ولندن للإجراءات التي قامت بها الحكومة المصرية. بل إن تقريراً كتبته وكالة الاستخبارات المركزية، حول ما تمخض عن المواجهة بين الحكومة و«الإخوان»، أشاد بقمع الحركة التي وسمها التقرير بالمتزمتة والقومية الدينية المتطرفة. كما قال التقرير إن إزاحة «الإخوان» من الطريق ضروري لإعطاء الحكومة مساحة للتوصل إلى تسوية لمسألة قناة السويس.

لكن الصراع الداخلي بين أعضاء مجلس قيادة الثورة، بخاصة بين نجيب وعبدالناصر، أجل المواجهة بين النظام و«الإخوان». ولكن، عندما حسم الصراع لمصلحة عبدالناصر، بدأ العد التنازلي للتصادم بين الجماعة والنظام الحاكم. وقد أعطى حادثة المنشية، والتي اتهم فيها «الإخوان» بمحاولة اغتيال عبدالناصر المبرر للانقضاض على «الإخوان المسلمين». وقد أعطى الاعتداء على رأس النظام المصري التبرير لاتخاذ إجراءات غايتها تصفية «الإخوان» كحزب سياسي فاعل على الساحة المصرية، وأصدرت أحكام إعدام وسجن لمدد طويلة على كثر من قيادات «الإخوان». ونفذت هذه الإعدامات في ستة من هؤلاء القادة، وخففت بعض الأحكام لاحقاً عن بعضهم.

وتجدر الإشارة هنا إلى ما ورد في الكتاب حسب الوثائق البريطانية والأميركية عن مدى الاهتمام والمتابعة لما آلت إليه أوضاع «الإخوان» من حكومتي واشنطن ولندن. ورغم أن الوثائق كشفت عن تعاطف كبير مع الحكومة المصرية في تعاملها مع الجماعة، إلا أن كانت هناك تحفظات عن هذه الإجراءات، والتي رأوا أنها قاسية وقد تؤدي إلى رد فعل عنيف سيهدد استقرار البلاد.

واتسمت نظرة الغربيين إلى «الإخوان» بكونهم متزمتين دينياً ورجعيين، وأن الصراع الدائر هو بين جماعة تريد تحقيق الحداثة والتقدم، وجماعة تريد أن ترجع بالبلاد إلى الوراء.

وفر من استطاع من «الإخوان» إلى بلدان عربية مختلفة، حيث وجدوا حاضنات للمنفيين من «الإخوان» المصريين في فروع «الإخوان» في دول عربية أخرى. وقد نصبوا خيامهم في بلدان عدة مثل المملكة العربية السعودية ودولة الكويت. ويسهب الكاتب في شرح الرؤية الغربية تجاه «الإخوان» وعلاقتهم بالنظام الحاكم. وكان البعض يرى أن «الإخوان» يمكن أن يكونوا حصناً منيعاً ضد التمدد الشيوعي.

وكان المزاج السائد في الغرب حينذاك يرى أن الدين سيتحجم دوره في بلدان العالم العربي تحت وطأة الحداثة والتأثير الغربي. وأن عبدالناصر وزملاءه يمثلون المستقبل وأنهم رجال التغيير نحو مجتمعات حديثة وعلمانية.

لكن النظرة الإيجابية تجاه الثوار لم تستمر طويلاً. فقد دب الخلاف بين واشنطن والقاهرة حول تمويل السد العالي والتقارب المصري – السوفياتي وتأميم شركة قناة السويس، والذي أدى إلى مؤامرة بريطانية – فرنسية – إسرائيلية نتج منها احتلال شبه جزيرة سيناء في 1956.

لكن الضغط الأميركي والتهديد السوفياتي أدى إلى جلاء القوات الأجنبية من سيناء. وخرج عبدالناصر من هذه المواجهة منتصراً؛ بل أصبح زعيماً قومياً يتعدى حدود بلاده.

وعندما ساءت العلاقة مع واشنطن في عهد الرئيس ليندن جونسون، وحدثت مؤامرة لقلب نظام الحكم عام 1965، اتهم عبدالناصر «الإخوان» بمؤازرة الدول الغربية في تنفيذها.

يقول الكاتب أنه لم يجد دليلاً على المؤامرة ولا على الدعم الغربي، إلا أنه يقول كانت هناك مؤامرة بين «الإخوان» والغربيين ضد عبدالناصر فإن هذه الدول لن تترك أثراً وثائقياً يثبت ذلك.

وانتهت هذه الحقبة من تاريخ الغرب و «الإخوان» بهزيمة مصر أمام إسرائيل في حرب يونيو 1967، وأخيراً بوفاة عبدالناصر بعد ذلك بثلاث سنوات.

وينتقل الكاتب من دون تمهيد، ولكن بتراتبية تاريخية، إلى عصر السادات. ويروي أن الرئيس الأميركي جيمي كارتر طلب عام 1979 تدخل المرشد العام لـ«الإخوان» لحل مشكلة الرهائن الديبلوماسيين المحتجزين في إيران.

لكن الوساطة انتهت بسبب أن المرشد لم يكن يتأكد من أن الرئيس كارتر خول هذه الوساطة، وأن إيران لم تكن مستعدة للوساطة، بل إنها اتهمت كل من يتوسط في هذه المسألة باعتباره عميلاً للإمبريالية.

وقد أتت هذه الحادثة في نهاية «عقد» تمتع فيه «الإخوان» برعاية السلطة الحاكمة نكاية باليساريين والناصريين. ولم يكن «الإخوان» يمانعون استخدام السلطة لهم للتغلب على هذه القوى، والتي يرون أنها كانت وراء اضطهادهم في العصر الناصري المنصرم. لكن بريطانيا والولايات المتحدة لم تخفيا قلقهما من تقارب «الإخوان» والسلطة ومنح هامش حرية كبيرة للحركة.

وعلى رغم أن «الإخوان» أشاعوا أنهم يفضلون الولايات المتحدة على الاتحاد السوفياتي، لأن الأول من أهل الكتاب أما الأخير فيتزعم الإلحاد في العالم، إلا أن الحكومات الغربية لم تكن لتصدق هذه الادعاءات بل حذرت الرئيس المصري من مغبة التحالف مع «الإخوان».

وفي تقريرين صدرا من السفارة الأميركية ومن السفير البريطاني في القاهرة، تحذير من أن الحكومة المصرية تلعب بالنار. وفي نبوءة تحققت فعلاً، حذر الأخير من مؤامرة من الإسلاميين أو عملية اغتيال للرئيس المصري.

وقد حظي «الإخوان»، والإسلاميون عموماً، بدفعة قوية عام 1979 لثلاثة أسباب رئيسية كما يراها الكاتب:

– الثورة الإسلامية في إيران، والتي أيدها «الإخوان»، كانت بمثابة تطبيق عملي لما يدعو له «الإخوان» من إقامة حكم الله في الأرض رغم اختلاف المذهب.

– حادثة الحرم في العام نفسه، والتي رأى فيها الإسلاميون ثورة إسلامية ضد الهيمنة الغربية.

– الجهاد الأفغاني، والذي قدم له «الإخوان» كثيراً من الدعم.

إلا أن شهر العسل مع الثورة الإيرانية لم يدم كثيراً. فقد رأى «الإخوان» في الدعم الإيراني للنظام السوري ضد إخوتهم في التنظيم في ثورة حماة، دليلاً على عدم اهتمام إيران بانتشار الحكم الإسلامي في المنطقة، على رغم أنهم أعجبوا بوقوف نظام الخميني ضد الشاه والولايات المتحدة.

وقد بدأت الدول الغربية التخوف من مصير مماثل للحكم في مصر، بخاصة بعد اتفاقات كامب ديفيد ومعاهدة الصلح الإسرائيلية – المصرية. ودخل الأميركيون على الخط في حوار مع «الإخوان» لفهم موقفهم من السادات والعلاقة مع إسرائيل.

وقد تنامى إلى مسامع الأميركيين أن الإسلاميين قد تغلغلوا في صفوف القوات المسلحة المصرية. ويشير الكاتب إلى أن الحوار بحد ذاته ينم عن الأهمية التي توليها واشنطن لـ «الإخوان المسلمين» كرقم مهم في معادلة السياسة المصرية.

وبعد وصول الرئيس حسني مبارك إلى سدة الحكم في أعقاب اغتيال السادات، ظهر تقرير لوكالة المخابرات المركزية يقول أن عود الأصولية الإسلامية قد اشتد ولن يستطيع النظام الحاكم في مصر التغلب عليه. وبدا أن «الإخوان» يشكلون تهديداً استراتيجياً للولايات المتحدة.

وفي تقرير لاحق في 1984 أشار إلى أن «الإخوان» يتسمون بالاعتدال، وأنهم سيؤلون إلى مركز وسطي في الساحة السياسية المصرية، على رغم أنهم يرفضون كثيراً من السياسات الغربية. وقد شجعت واشنطن التقارب بين «الإخوان» ونظام مبارك كقوة موازية للجماعات الجهادية.

وفي الفصل الأخير، يتناول الكتاب السجال الدائر في الأوساط السياسية والأكاديمية الأميركية حول التعامل مع «الإخوان المسلمين». فمنهم من يرى أن التزام الجماعات الإسلامية بالعمل السلمي ونبذ الإرهاب وممارسة السبل الديموقراطية يؤهل هذه الجماعات إلى الحوار والدعم السياسي.

ولكن آخرين رأوا أن الإسلاميين معادين للغرب ولا يرجى منهم تغيير حقيقي بسبب معتقداتهم الأيديولوجية. وهنا أيضاً يناقش الكتاب موضوع الجاليات الإسلامية ومؤسساتها في بريطانيا والولايات المتحدة وسيطرة جماعة «الإخوان» عليها.

قدم مارتن فرامبتن، بلا شك، تاريخاً شاملاً لعلاقة «الإخوان» مع الغرب، ولكن بعد ما يزيد على ستمئة صفحة، يلخص العلاقة بكونها ملتبسة ومشكوكة وضبابية، وأحياناً ودية حسب ما تقضيه مصلحة الطرفين. وما يأخذ على الكتاب هو ندرة التحليل وكثرة السرد.

فالكاتب يلزم نفسه بالوثائق ويتحاشى التدخل كثيراً، ويترك للقارئ الاستنتاج والتأويل حسب السرد التاريخي الذي يقدمه. ومع ذلك فمن الواضح أن الكاتب بذل جهداً مشكوراً على هذا الكتاب، والذي أرى أهميته قراءته للمختصين والمهتمين كافة بالشأنين العربي والإسلامي.

المصدر: الحياة

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة