تفكيك الوهم: الأصولية بين فكر الخلاص وفكر الخلافة

أحمد عزت سليم3 يناير 2019آخر تحديث :
تفكيك الوهم: الأصولية بين فكر الخلاص وفكر الخلافة

تفكيك الوهم: الأصولية بين فكر الخلاص وفكر الخلافة

  • (3-3)  تحالف الفكر والسلاح المقال الثالث من سلسلة مقالات حول الفكر الأصولي

لقد أصبحت الأصولية الآن تعبر عن تحالف الفكر والسلاح وانصهارهما فى كلية واحدة تستوعب حركة المجتمعات وتوجهها نحو العداء والوصول به إلى قمة الاقتتال والمذابح، هذا التحالف الذى يسيطر عليه وصنعه ويبرمجه الأصوليون ابتداء من الإنجيليين والمحافظين الجدد ومع الحاخامية الصهيونية وأمراء الخلافة الإسلامية الجدد والتحالف الاستراتيجى الصناعى العسكرى الرأسمالى الغربى، ولم يعد لخديعة “صدام الحضارات” وجودا، ولكن الموجود الآن وبقوة هو مخططات السيطرة الغربية المتوحشة على مقدرات العالم بتفكيك وتفتيت كل الوجود الوطنى الاجتماعى والبنائى المترابط بين أفراد ومؤسسات الوطن الواحد وتحويلهم إلى عصابات يذبح بعضها البعض لتنعم هى بالنهب الرأسمالى لثروات الأوطان والسيطرة الاستراتيجية عليها وإنهاء أية محاولة لاستقلال القرار الوطنى وقمع أية تقدم تنموى مستقل بعيدا عن الرأسمالية الاستعمارية، وتدمير القوة العسكرية والصناعية والاقتصادية لهذه الأوطان، بل وشرعنة استباحة الدماء ونهب الثروات بقرارات دولية تساهم فى مزيد من المذابح والاقتتال واستمرار مخططات التحالف بين الفكر والسلاح وبالتالى القضاء على أية عوامل وظروف تهيىء للتوحد والنهوض الشعبى وتضييع الوحدة الوطنية التى تنهض لتقاوم التفتت والسبطرة الغربية، واستغلال وتحويل الخلافات القائمة فى المنطقة العربية كالخلافات بين تناقضات المنطقة العربية والمتعددة من خلافات السيطرة على البحر الأحمر والخليج العربى ومياه النيل والروابط الصحراوية وقسمة الهلال الخصيب والخلاف الديموجرافى إلى خلافات أيديولوجية يشملها ويسيطر عليها التحالف بين الفكر والسلاح ولتتفجر معها وفيها وبها الصدمات الدموية بين الأصولية وبين الوطنية الشعبية، وتنجح مع هذه المخططات الإجرامية فاعليات الاستراتيجية الاستعمارية الغربية فى تصعيد الصراع الدموى طالما لا يتعرضون لخطر القتل.

ومن منطلق معاناة الأمة العربية والعالم الإسلامى أشد المعاناة من تحالف الفكر والسلاح وما أحدثه من فتنة وفاعليات مخططات الإرهاب والتكفير والتطرف الدموى التى تستهدف تفتيتها وتفكيكها والقضاء على كافة مقدراتها وقواتها وثرواتها  لصالح الاستعمار الغربى وأداته الصهيونية، يأتى هذا الكتاب لتفكيك الأوهام التى تنشرها الأصوليات وبهدف بيان الحقائق حول ماهيتها ومكوناتها وآلياتها وفاعلياتها والتى تستهدف تسييد صور ذهنية فكرية تتدعى اكتسابها من الإقامة الإلهية والتفويض الإلهى الذى اختصت وحدها بهما، و بينما هى فى الواقع الحقيقى المعاش تفضحها حقائق المشهد الدموى الإجرامى الآنى الذى تؤسس له هذه الأصوليات بماهيتها ومكوناتها وآلياتها وفاعلياتها، والتى حولت النصوص المقدسة من نصوص تواكب الحياة المتجددة بالعقل وبالعلم والعمل والحرية من أجل إسعاد البشرية وكما ورد وفي الصحيحين: “إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من تذرهم عالة يتكففون الناس ”  (صحيح البخاري 1/435، وصحيح مسلم 3/1251 ) إلى نصوص جامدة ماضوية تستعيد معارك الاقتتال والموت والدماء والتمييز العنصرى وتخضع الإنسان للقهر البشرى والعبودية، ورغم آية الله  سبحانه تعالى عز وجل الواضحة التى لا لبس فيها: “ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين” (  يونس : 99 )، ورغم أن الرسول رفض تماما الاستعباد ونفى كافة مظاهرة وكما يتضح عند قدوم معاذ بن جبل من الشام وسجوده لرسول الله  صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما هذا؟) قال: يا رسول الله قدمت الشام فرأيتهم يسجدون لبطارقتهم وأساقفتهم فأردت أن أفعل ذلك بك. فقال صلى الله عليه وسلم: فلا تفعل” ( أورده أبو داود فى السنن وفى مسند أحمد والألبانى وغيرهم).

 

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة