بقلم: طارق الحميد
عشية تصريح حسين طائب رئيس دائرة استخبارات الحرس الثوري الإيراني أول من أمس بأنه على إيران مسؤولية دعم حكومة الأسد، وعدم السماح بـ«كسر خط المقاومة»، شهدت سوريا مجزرة مرعبة ارتكبتها قوات الأسد وراح ضحيتها قرابة 440 قتيلا سوريا، فما معنى ذلك؟
الإجابة واضحة، وهي أن إيران شريكة في دماء السوريين العزل، حيث تقوم طهران بدعم الأسد، أهم عميل لها في المنطقة، والذي بسقوطه يسقط أهم خط إمداد للمشروع الإيراني في المنطقة، منذ ثورة الخميني، وأهمية خط الإمداد هذا تساوي قرابة العقود الأربعة من التآمر، والتسليح، والتمويل، لعدة مشاريع إيرانية سواء بلبنان أو سوريا، وهي مشاريع مختلفة إعلاميا، وثقافيا، واقتصاديا. ولذلك فلا غرابة في أن يقول رئيس دائرة استخبارات الحرس الثوري الإيراني إنه على طهران حماية الأسد، كما أنه لا غرابة في أن نرى حجم الجرائم الأسدية في تزايد كبير. فالواضح أن لحظة سقوط الأسد قد اقتربت، ولذا نجد أن النظام قد جن جنونه، كما أن التحركات الإيرانية تجاه سوريا باتت تفوق التحركات الروسية، بشكل ملحوظ، حيث تنوي إيران الآن طرح خطة خاصة بسوريا ضمن جدول أعمال قمة عدم الانحياز.
وعليه، فلا غرابة في أن تدعم إيران الأسد، عميلها الأبرز، فبسقوطه يسقط المشروع الإيراني بالمنطقة.. لكن الغريب، والمريب، هو العجز الدولي أمام جرائم الأسد، وخصوصا أن المجتمع الدولي يعي أن الأسد يقترب من لحظات السقوط، وأنه من الممكن اختصار المعاناة السورية، وتجنيب سوريا الدولة الدمار والانهيار الكامل، لكن الغرب، وعلى رأسه أميركا، لا يفعلون شيئا يذكر، فكل المطلوب اليوم، وبشكل ملح، هو تسليح المعارضة بأسلحة نوعية تمكنها من إيقاف وصد الطائرات والدبابات الأسدية، والقصة لا تقف هنا فقط، بل وضرورة التحرك لفرض حظر الطيران، والمناطق الآمنة داخل الأراضي السورية على الحدود التركية، والأردنية، ولا حاجة للجوء إلى مجلس الأمن ما دام الروس والصينيون يريدونه لحماية المجرمين، فمن الضرورة التحرك الآن عبر قوات الناتو، وحتى القوات العربية الراغبة في المشاركة، وبجميع أنواع المشاركة، علما أن عدد قوات الجيش السوري الحر لا يستهان به على الإطلاق، وكل ما يحتاجون إليه هو الأسلحة النوعية، وحظر الطيران، وفرض المناطق الآمنة. وأيا كانت كلفة مثل هذه الخطوات فإنها ستكون أقل بكثير من كلفة الانهيار المفاجئ في سوريا، فمسؤولية المجتمع الدولي حماية العزل، والسلم الاجتماعي، وأمن المنطقة ككل، وذلك لا يتحقق إلا بإسقاط الأسد، وهو أمر اقترب، وبات قاب قوسين أو أدنى، وكل المطلوب للتعجيل بذلك هو التسليح النوعي، وحظر الطيران، وفرض المناطق الآمنة، فحينها ستكون الانشقاقات العسكرية بنحو كبير قد يقود لهروب الأسد نفسه.
وهذا الأمر سيكون أقل كلفة من الانهيار المفاجئ، أو إطالة أمد الأزمة، وعندما نقول «أقل كلفة»، فالمقصود إنسانيا، وأمنيا، وسياسيا، خصوصا عندما يطرد الأسد الإيراني من سوريا، حيث تعود طهران لحجمها الطبيعي، وتعود سوريا، بكل مكوناتها العرقية والدينية، لعمقها العربي بعد أن أطالت الغياب بالفلك الفارسي.
ولذلك فقد حان وقت التحرك الثلاثي.. حظر الطيران، والمناطق الآمنة، والتسليح النوعي للجيش السوري الحر.