واصلت المنظمة العالمية لخريجي الأزهر محاضراتها لأئمة إندونيسيا، وذلك خلال دورة تدريبية بمقرها الرئيس في القاهرة عبر (الفيديو كونفرانس)، وهي المحاضرات التي يعطيها مشايخ وعلماء الأزهر، تماشياً مع الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا (كوفيد 19).
وألقى الدكتور أيمن الحجار، أحد علماء الأزهر الشريف، محاضرة بعنوان “انحراف الفهم عند الجماعات المتشددة من خلال حديث جئتكم بالذبح”، موضحاً أن أصحاب التيارات الإرهابية المتشددة قد تبنت العنف منهاجًا وأسلوبًا لتبرير قتل الأبرياء، واستندت إلى الفهم الخاطئ لبعض النصوص الشرعية واجتزائها من سياقها لارتكاب أفعال إجرامية من قطع للرقاب واستباحة للدماء. كما أظهروا أن النبي صلى الله عليه وسلم نشر رسالته بالقتل والعنف، ما أساءوا لسمعة الإسلام إساءة بالغة.
وشدد الحجار على ضرورة ألا ينطلي ذلك على العقلاء من المسلمين وغير المسلمين، وهنا يكمن دور العلماء في توضيح الحقائق والتعامل مع تلك الأكاذيب من منطلقين: الأول هو السياق الذى جاءت به أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ونوع المخاطبين بها، والثاني هو الحادثة التي تفسر وتبين المقصود منها.
وقدم العالم الجليل تفنيدًا للشبهات المثارة من قبل هذه التيارات المتطرفة، وبيان معناها الصحيح حسب الأصول العامة لدين الإسلام والتي جاءت لحفظ الدين وبناء الإسلام وحب الأوطان، وأضاف أن هذا الحديث الوارد بلفظ (تَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ) لم يخرجه البخاري ولا مسلم بهذا اللفظ، فسند الحديث ضعيف ليس بالقوي، ولا يصلح للاستدلال به منفصلاً في قضية خطيرة كهذه، وحتى بفرضية صحة الحديث يجب أن تفهم كلمة الذبح على أنها تأتى على سبيل التهديد والتخويف مجازا.
وأشار النجار إلى مواقف النبي العديدة من ترسيخ مبادئ الرحمة والتسامح والعفو وحقن الدماء كما فعل في صلح الحديبية وفتح مكة، وهذا ما تؤسس له الشريعة الإسلامية، والذي يأتي على العكس مما تنتهجه تلك الجماعات المتطرفة من قتل وذبح وتمثيل ما تدل على نفوسهم المريضة وقلوبهم القاسية المتشبعة بالغلو والعدوان لتحقيق مآرب ومقاصد لصالحهم فقط.
ووجه د. النجار نصيحته للمتدربين بأن يبلغوا رسالة الأزهر الوسطية وقيم الإسلام الصحيحة المتمثلة في التعايش السلمى والرحمة والوسطية بعيدًا عن الغلو والتطرف، وأن يحصنوا عقول الشباب من أفكار ومفاهيم تلك الجماعات الإرهابية وما يتعرضون له على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، فهي مخالفة للشرع الحنيف وقواعد العلماء في الاستنباط، ومخالفة للدلائل الواردة والمواقف الخالدة لمسيرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام.