آخر ما يريده الأردن هو توتر في العلاقة بين الرياض وواشنطن، فهو لا ينقصه مزيد من التوتر والأزمات في محيطه.
رأت إدارة بايدن أن ارتفاع أسعار النفط يساعد روسيا في جني أموال طائلة مقابل عقوبات قاسية يفرضها الغرب عليها.
اعتبر أعضاء الكونغرس الديمقراطيين قرار أوبك+ تدخلا في الانتخابات النصفية لصالح الجمهوريين، لأن ارتفاع أسعار الوقود ستؤثر سلبا على حظوظهم.
قرار خفض الإنتاج رفع أسعار النفط مما أثار حفيظة إدارة بايدن والحزب الديمقراطي الذي يستعد لانتخابات حاسمة في التجديد النصفي للكونغرس الشهر المقبل.
ليس من مصلحة الأردن وجود أزمة أو توتر بين حليفين رئيسيين له، كما يخشى أن يؤثر التوتر المتصاعد بينهما على استقرار المنطقة، فهو يرى أن كلا الطرفين دعامة أساسية لاستقرار المنطقة.
* * *
بقلم: عبدالله المجالي
لم تعد “الأزمة” بين واشنطن والرياض التي نشبت بعد قرار منظمة “أوبك+” خفض إنتاج النفط، ثنائية، بل دخلت دول عربية عديدة على الخط، كلها تساند الرياض، واليوم أعلن الأردن موقفا حيال القضية.
البعض لا يصف ما يجري بين واشنطن والرياض بالأزمة، بل بتوتر عارض بين بلدين شكلا شراكة استراتيجية عمرها يصل إلى أكثر من سبعين عاما.
كانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تأمل من اجتماع “أوبك+” الذي جرى في الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول الحالي أن تزيد المنظمة إنتاج النفط للحيلولة دون ارتفاع أسعاره، لكن القرار كان بخفض الإنتاج ما رفع أسعار النفط، الأمر الذي أثار حفيظة إدارة بايدن والحزب الديمقراطي الذي يستعد لانتخابات حاسمة في التجديد النصفي للكونغرس الشهر المقبل.
توالت ردود فعل إدارة بايدن الغاضبة، وحملت السعودية وحدها المسؤولية رغم أن “أوبك+” تضم 23 دولة على رأسها السعودية وروسيا، كما توالت ردود فعل أعضاء الكونغرس الديمقراطيين، واعتبروا القرار تدخلا في الانتخابات النصفية لصالح الجمهوريين، لأن ارتفاع أسعار الوقود ستؤثر سلبا على حظوظهم. بل طالب العديد منهم بلغة تنقصها الدبلوماسية واللباقة بفرض عقوبات على الرياض.
السعودية من جهتها أصرت على أن القرار اتخذ بالإجماع، وأنه قرار فني اقتصادي بحت، ولا علاقة له بالسياسة.
زادت الاتهامات للسعودية، وهذه المرة أنها تقف في صف روسيا بحربها ضد أوكرانيا، فارتفاع أسعار النفط يساعد موسكو في جني أموال طائلة في مقابل العقوبات القاسية التي يفرضها الغرب عليها، ما اضطر وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان للرد ونفي كل تلك التهم.
بعد أسبوع تقريبا أصدرت دول خليجية والجزائر بيانات تضامنية مع السعودية، وأكدت أن قرار “أوبك+” اقتصادي بحت، ويتماشى مع وضع أسواق النفط.
الأردن الذي تربطه علاقات وثيقة بين واشنطن والرياض، آثر الصمت في البداية، لكنه في النهاية أصدر بيانا من خلال وزارة الخارجية دعا فيه واشنطن والرياض لحوار بشأن قرار “أوبك+”.
يعتقد الأردن أنه ليس من مصلحته وجود أزمة أو توتر أو حتى بعض التجاذبات بين حليفين رئيسيين له، كما أنه يخشى أن يؤثر التوتر المتصاعد بين واشنطن والرياض على استقرار المنطقة، فهو يرى أن كلا الطرفين دعامة أساسية للاستقرار في المنطقة.
البيان دعم وجهة نظر الشقيقة والجارة السعودية من أن قرار “أوبك+” فني مرتبط باستقرار أسواق النفط ومتطلباته. ولم ينس أن يؤكد دعم الأردن لكل الخطوات التي تتخذها السعودية لحماية أمنها واستقرارها ومصالحها.
ويرى البيان أن التجاذبات السياسية لا تخدم الأهداف والمصالح المشتركة (للرياض وواشنطن)، ولذلك فالأردن يدعو لمعالجة هذه القضية عبر الحوار المباشر المتوازن بين الرياض وواشنطن، وفي إطار روح الشراكة التي تجمع البلدين، وبما يعكس أهمية هذه الشراكة في جهود تكريس الأمن والاستقرار في المنطقة وخارجها، ومركزية دور السعودية الرئيس فيها، وأهمية دور الولايات المتحدة الأمريكية.
يبدو أن آخر ما يريده الأردن هو توتر في العلاقة بين الرياض وواشنطن، فهو لا ينقصه مزيد من التوتر والأزمات في محيطه.
*عبد الله المجالي كاتب صحفي أردني
المصدر: السبيل – عمان
موضوعات تهمك: