أعلن رئيس الوزراء العراقي أن بلادَه «بحاجة لزيادة إنتاجها من النفط لتحقيق المزيد من الإيرادات لتمويل إعادة إعمار الدولة وبناء اقتصادها».
بلغ فائض الخزينة بين 2003 و2020 نحو 110 مليار دولار، ما يكفي لإعادة إعمار العراق لكنه تبخر بسبب الفساد الذي يراه العراقيون أخطر من داعش!
صادرات العراق لن تتأثر بقرار أوبك+ خفض الإنتاج إلا بشكل محدود» لأن حصته الإنتاجية بلغت وفق اتفاق يوليو الماضي 4.651 مليون برميل يومياً.
* * *
بقلم: عدنان كريمة
رغم تأكيده بأن العراق ملتزم بسياسات تحالف «أوبك+» وقراراته، بما في ذلك قراره الأخير بتخفيض الإنتاج بدءاً من أول نوفمبر الحالي بنحو مليوني برميل يومياً لـ23 دولةً في التحالف، فقد أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أن بلادَه «بحاجة لزيادة إنتاجها من النفط لتحقيق المزيد من الإيرادات لتمويل إعادة إعمار الدولة وبناء اقتصادها». وفي إطار السعي لذلك، يعتزم العراق مناقشةَ زيادة حصته الإنتاجية مع الدول الأعضاء في المنظمة.
ويبدو أن صادرات العراق لن تتأثر بقرار التخفيض «سوى بكمية محدودة»، لأن حصته الإنتاجية بلغت وفق اتفاق يوليو الماضي نحو 4.651 مليون برميل يومياً، وهو يحافظ عليها كسقف أعلى إذ لم ينتج أكثر من 4.525 مليون برميل يومياً، أي أقل من حصته الرسمية بنحو 126 ألف برميل. ووفق القرار الأخير لـ«أوبك+» فإنه يتوجب على العراق تخفيض حصته بـ220 ألف برميل. ومع احتساب الباقي من حصته الأساسية، يكون المطلوب منه فقط تخفيض 94 ألف برميل، لتصبح حصته الجديدة 4,431 مليون برميل يومياً.
وتنطلق بغداد في تأييدها لقرار خفض الإنتاج من كونه «يهدف إلى تحقيق مزيد من الاستقرار والثبات على المدى البعيد»، خصوصاً أن الاستقرار في الأسواق انعكس بشكل إيجابي على اقتصادات الدول المنتجة، ومنها العراق نفسه. ومن شأن تخفيض الإنتاج منْعَ الانخفاض المستمر في الأسعار، بل المساهمة في ارتفاعها. ولو لم يصدر قرار التخفيض لتراجع السعر إلى نحو 50 دولاراً للبرميل، وفق رأي علاء الياسري، مدير عام شركة النفط الوطنية العراقية «سومو».
وقد استفاد العراق من ارتفاع الأسعار، مسجلا إيرادات شهرية بمعدل وسطي بلغ 10 مليارات دولار، ومجمعاً خلال 9 أشهر (يناير–سبتمبر) نحو 90.31 مليار دولار، مقابل 52.98 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام الماضي. ويتوقع أن يتجاوز المبلغ 120 مليار دولار مع نهاية العام الحالي، الأمر الذي يمكّن الحكومةَ من رفع أرقام موازنة العام المقبل لتتجاوز 130 مليار دولار.
ووفق تقرير لصندوق النقد الدولي صدر في أكتوبر الماضي تحت عنوان «آفاق الاقتصاد العالمي»، يحتل العراق المرتبة الأولى عربياً والثانية عالمياً في توقع نمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدل يصل 9.3% خلال العام الحالي، بفضل ارتفاع الطلب العالمي على النفط والغاز، كون الاقتصاد العراقي يعتمد على إنتاجه النفطي الذي يغطي 95% من الموازنة العامة.
لكن في رأي الخبراء هناك علاقة طردية بين ارتفاع أسعار النفط وارتفاع معدل النمو الاقتصادي. لذا فالرقم الذي أعلنه الصندوق لا يعكس الحقيقةَ ولا يعبّر عن نمط معين من التنمية الاقتصادية، بل يعتمد على قيمة النفط ومساهمته في الناتج المحلي الإجمالي.
أما مستشار الحكومة للشؤون الاقتصادية الدكتور مظهر صالح فرأى أنه رغم تحسن عائدات النفط، فإن مؤشرات النمو ما زالت متواضعةً وهي في حدود1% فقط، أي دون معدل النمو السكاني السنوي البالغ 2.6%، وستتولد عن هذه الفجوة مشكلات في الرفاهية الاقتصادية وتوزيع الدخول.
وتبقى المخاوف في «طغيان الفساد»، السبب الأول لهدر المال العام، لاسيما بعد أن «تحوّل من ظاهرة مرفوضة إلى ثقافة عامة وسلوك لقوى عديدة في السلطة».
وقد عمقت هذه الثقافة طبيعةَ الهيمنة على مؤسسات الدولة. وفي هذا السياق نشير إلى دراسة لرئيس لجنة الدراسات والإحصاء والمحاسبة في المنتدى العراقي والنخب، حميد شكر، حول إجمالي الإيرادات العراقية للفترة التي تم إحصاؤها بين عامي 2003 و2020، حيث بلغت هذه الإيرادات 1.109 تريليون دولار، يقابلها 998.632 مليار دولار لمجموع النفقات. أي أن فائض الخزينة يبلغ 110.166 مليار دولار.
وهو مبلغ يكفي لإعادة إعمار العراق، لكنه تبخر بسبب «الفساد» الذي وصفه العراقيون بأنه أخطر من «داعش»!
*عدنان كريمة كاتب لبناني متخصص في القضايا الاقتصادية
المصدر: الاتحاد – أبو ظبي
موضوعات تهمك: