اقتصاد الجزائر وأسعار الطاقة
- تطورات اقتصادية سلبية تؤثر في مسيرة معركة انتخابات رئاسة الجمهورية المرتقبة.
- يتوقع تراجع احتياطيات البنك المركزي من 195 مليار دولار في 2013 إلى نحو 62 مليار دولار بنهاية 2019.
بقلم: عدنان كريمة
تستعد الجزائر لإجراء انتخابات رئاسية في 18 أبريل المقبل، ويخوض «البازار السياسي» عدد كبير من مرشحي الأحزاب والمستقلين، وسط قلق كبير في أوساط الناخبين على مستوى معيشتهم التي تتعرض لخطة تقشف بدأت منذ أكثر من أربع سنوات نتيجة شح الموارد المالية، بعد تراجع أسعار النفط وعائدات الدولة من صادراته.
سبق للحكومة الجزائرية أن أعلنت مع بدء تدهور أسعار النفط، في عام 2014، عن إطلاق خطة استثمارية مدتها خمس سنوات من 2015 إلى 2019، بقيمة 260 مليار دولار لتعزيز الإنتاج المحلي وتنويع مصادر الدخل بهدف خفض نسبة الاعتماد على إيرادات النفط والغاز.
لكن رغم أهمية هذه الخطة، فقد تعرقل تنفيذها بسبب صعوبات تمويلها، ما يؤكد أن الجزائر لم تستفد كثيراً من دروس «صدمة» انهيار أسعار النفط عام 1986، وما نتج عنها من آثار سلبية على الاقتصاد الجزائري، ما اضطرها إلى الاقتراض من المؤسسات الدولية.
لكن مع عودة أسعار النفط إلى الارتفاع بين عامي 2008 و 2014، استفادت الجزائر من عائدات مالية كبيرة، واستطاعت تسديد معظم ديونها. وبعدما كانت في التسعينات تسعي إلى تسوية ديونها مع دول «نادي باريس»، ألغت عام 2010 ديوناً قيمتها نحو 1,6 مليار دولار، مستحقة لها في ذمة دول عربية وأفريقية.
اقرأ/ي أيضا: النظام العربي الإقليمي.. كنت شاهدا
ووصلت إلى حالة من «الغنى والرفاه المالي» مكنتها عام 2012، من الموافقة على الاكتتاب بخمسة مليارات دولار لدعم صندوق النقد الدولي وبفائدة أقل من واحد في المئة، وتعرضت الحكومة في حينها، إلى انتقادات شديدة من الاقتصاديين الذين وجدوا في تلك الخطوة «مثالاً فاقعاً» يعكس خطورة تبذير الاحتياطات النقدية المتراكمة بفضل الاستغلال المفرط للثروات الأحفورية.
على هذا المنوال، عادت الأزمة المالية إلى الجزائر مع تراجع أسعار النفط الذي أدى إلى عجز كبير تراكم في موازنات الأعوام 2015 – 2016 – 2017 و2018، وتضمنت موازنة العام الماضي إجراءات تقشف واسعة.
شملت زيادة في الضرائب والرسوم، ورغم ذلك حملت موازنة العام الحالي عجزاً بلغ 17,36 مليار دولار، حيث بلغت الإيرادات 55,15 مليار دولار (باحتساب سعر برميل النفط 50 دولاراً) مقابل النفقات البالغة 72,15 مليار دولار، وعلى أساس سعر صرف الدينار بـ118 ديناراً مقابل الدولار الأميركي.
اقرأ/ي أيضا: ألا تعلوا علي وأتوني جزائريين !
وكنتيجة طبيعية لتفاقم الأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية، تراجعت احتياطيات البنك المركزي نحو 107 مليارات دولار خلال أربع سنوات ونصف السنة وفق بيانات رسمية (من 195 مليار دولار عام 2013 إلى 88 مليار دولار في منتصف 2018).
ويتوقع أن يصل إلى نحو 62 مليار دولار بنهاية العام الحالي وفق قانون الموازنة. كذلك خسر الدينار نحو 50 في المئة، ما أدى إلى تراجع قيمته الشرائية، وارتفاع الأسعار وكلفة المعيشة.
وبما أن كل هذه التطورات السلبية تؤثر في مسيرة معركة انتخابات رئاسة الجمهورية المرتقبة، فقد استجابت الحكومة الجزائرية لتحذيرات صندوق النقد الدولي وبعض الخبراء، وصرفت النظر عن طبع مزيد من النقد لتغطية عجز الموازنة.
اقرأ/ي أيضا: سنوات القلق القادمة
وحرصت في الوقت نفسه على عدم المساس بسياسة الدعم، وخصصت 20 في المئة من الموازنة لتمويل الإعانات الاجتماعية ودعم السلع الاستهلاكية، نظراً لأهمية «القرار الاقتصادي» في «البازار السياسي».
* عدنان كريمة كاتب وناشر صحفي اقتصادي لبناني
المصدر: الاتحاد – أبوظبي
عذراً التعليقات مغلقة