تهدّد قضية اغتيال جمال خاشقجي الصحفي السعودي، الذي فُقد أثره منذ الثلاثاء في إسطنبول، وترجّح الشرطة التركية مقتله، صورة الرياض الخارجية في عهد ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، وقد تؤدي إلى تدهور أكبر في العلاقات التركية السعودية، بحسب خبراء.
وكان مصدر مقرّب من الحكومة التركية أعلن لوكالة “فرانس برس”، أمس، السبت، أنّ الشرطة التركية “تعتقد في استنتاجاتها الأوّلية، أنّ الصحافي قُتل في القنصليّة بأيدي فريق أتى خصيصًا إلى اسطنبول وغادر في اليوم نفسه”.
وفي حال تم التحقق من قتل الصحافي، يحذّر محللون من عواقب وخيمة على العلاقات التركية-السعودية المتدهورة منذ أكثر من عام، بالإضافة إلى صورة ولي العهد، الذي قدم نفسه كـ”إصلاحي” في الغرب.
وينتهج ولي العهد الشاب (33 عاما) سياسة القبضة الحديدية في الملفات الرئيسية في المملكة، وأثار جدلا كبيرًا، العام الماضي، وتعرض لانتقادات في تشرين ثانٍ/نوفمبر الماضي، حين قدّم رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، استقالته من الرياض ولم يغادرها لمدة أسبوعين، وهو ما رجّحت جهات دولية أن يكون قد اختطف في الرياض.
وسلطت الأضواء على سياسته هذه مرة أخرى، عندما تم اعتقال عشرات الشخصيات السعودية من أمراء ورجال أعمال واتهامهم بـ”الفساد” واحتجازهم في فندق “ريتز كارلتون” في العاصمة.
صعبة الاستيعاب
وتعرّض ولي العهد الشاب، أيضًا، لانتقادات بسبب سلسلة اعتقالات طالت ناشطات في مجال حقوق المرأة منذ أيّار/مايو الماضي، على الرغم من السماح للمرأة بقيادة السيارة.
وخاشقجي الذي يبلغ عامه الستين في 13 تشرين الأول/أكتوبر، هو أحد الصحافيين السعوديين القلائل الذين انتقدوا حملات توقيف طالت شخصيات ليبرالية وناشطات في سبيل حقوق المرأة، رغم “الإصلاحات” التي أطلقها ولي العهد.
واندلعت أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين السعودية وكندا بعد تغريدة للسفارة الكندية في آب/أغسطس الماضي، طلبت فيها “الإفراج الفوري” عن ناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان موقوفين في المملكة.
ويحذر محلّلون أنه في هذه المرة، فأن قضية خاشقجي قد تكون لها عواقب وخيمة في الغرب، في حال التأكد من موته.
ويرى الباحث في جامعة “رايس”، كريستيان أولريشسن، أن هذا قد يعزز النظرة في واشنطن بأن “السعودية بقيادة محمد بن سلمان عرضة للممارسات المتهورة، في ظل ما يبدو أنه تفكير محدود جدًا بالعواقب، سواء أكان حصار قطر أو احتجاز سعد الحريري أو الخلاف مع كندا بدون الحديث حتى عن حرب اليمن”، التي تدخلت فيها السعودية عام 2015.
وترى من جهتها الأستاذة في جامعة “ووترلو” الكندية، بسمة مومني، أنه حال التأكد من موت خاشقجي فإن “صورة ولي العهد ’الإصلاحي’ ستصبح أكثر صعوبة للاستيعاب، خصوصًا في واشنطن والعواصم الغربية الأخرى”.
أزمة مع أنقرة
ويرى المحلل جيمس دورسي أن قضية خاشقجي ستكون لها عواقب “كبيرة” في الخارج.
ويشير دورسي إلى الصعوبات التي تواجهها السعودية في اليمن، وخطر أن يقوم نواب في دول مختلفة بالحشد من أجل منع بيع الأسلحة إلى الرياض.
ولا يستبعد دورسي أن تؤدي هذه القضية إلى تدهور في العلاقات السعودية- التركية، مشيرًا إلى إمكانية حصول قطع في العلاقات من قبل الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان.
ويشير أولريشسن إلى أنه “في حال ثبت ارتباط السعوديين بموت خاشقجي، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى اندلاع أزمة دبلوماسية” بين البلدين، وتتفق مومني معه، مؤكدةً “من المرجح أن تسوء العلاقات التركية- السعودية جراء هذه القضية. ستقول تركيا إن هذا مساس بسيادتها وستوجه السعودية أصابع الاتهام إلى التحالف التركي- القطري ردًا على الاتهامات التركية”.
وسجّل تقارب كبير بين قطر وتركيا منذ أكثر من 10 سنوات، تعزّز مع زيادة التعاون التركي بعد فرض دولٍ خليجية حصارًا على قطر، العام الماضي.
ودافع خاشقجي مرارًا عن الإخوان المسلمين، ويشير دورسي الى أن آراءه “ليست بعيدة كثيرًا” عن أراء الحزب الحاكم في تركيا، التي “لا يمكنها قبول مقتل أشخاص بأيدي عملاء أجانب” على أراضيها.
وبالإضافة إلى قطر والإخوان المسلمين، يشير دورسي إلى أن ايران هي أيضا موضع خلاف بين أنقرة والرياض، خصوصا مع موقف السعودية الداعم لواشنطن لجهة العقوبات ضد طهران.
المصدر: عرب 48 + وكالة الصحافة الفرنسية