يعتبر الانتساب في السلطة لعائلة الحاكم، وطائفته، ومنطقته، بطاقات يانصيب رابحة لهم، وخاسرة لمجمل الشعب السوري.
تشكّل قصص كثيرة يتداولها السوريون عن أفراد آل الأسد، وأقاربهم وأصهارهم ومقربيهم المتقاتلين على مناطق النفوذ والمصالح، تمثيلا كاشفا لطبيعة السلطة.
تتناهب الشعب عصابات “الشبيحة”، وزعماء الميليشيات المسلحة، وفوق أنه عرضة للسلب والنهب والخطف والاعتقال وإهانة الكرامة، يمكن أن يصبح ضحيّة لمعاركهم وحروبهم التي تقول إنهم أعلى من السوريين وأن القانون لا ينطبق عليهم.
* * *
تناقلت مصادر إعلامية حصول اشتباكات مسلّحة بين ميليشيات مسلّحة يقودها أفراد من آل الأسد، ودورية أمنية، في مدينة القرداحة، مسقط رأس رئيس النظام، ترافقت مع مواجهات بين أبناء عمومة لرئيس النظام، فاقتتل فرع عائلة سليمان هلال الأسد وأخوه محمد، مع أفراد ومسلحين موالين لعائلتي بديع وباسل غياث الأسد، مما أدى إلى مقتل أحد مسلحي هذه الميليشيات، وجرح عدد منهم، وتوقيف محمد وهروب أخيه إلى لبنان.
أطلق الهارب تصريحات متحدية من لبنان مضمونها أنه من عائلة أبناؤها “رجال لا نخشى شيئا على الأرض”، وهو تحدّ يناسب واقع الحال لأن قائله، الذي كان يتحكم بميليشيات تقود عمليات سطو واختطاف وترهيب بمدينة اللاذقية وجوارها، هو ابن شخص مرعب الاسم، وكان قد قتل عام 2014 وقيل حينها إن المتسبب كان شخصا لا يقل تجبرا عنه هو ابن عمّه، وابن عمّ رئيس النظام، فواز الأسد.
سبق لسليمان هلال الأسد أن اشتهر في حادثة قتل عمد ضابط في جيش النظام، إثر خلاف تافه على المرور في أحد شوارع المدينة الساحلية عام 2015، ورغم تعريف العقيد في سلاح الجو، حسان الشيخ، حينها عن كونه ضابطا، فقد تعرّض لشتائم سليمان له وللجيش وضباطه قبل أن يتلقّى رصاصة تصرعه.
في إطار امتصاص التداعيات التي ولدتها واقعة 2015، قام أفراد من آل الأسد، بينهم “نقيب المهندسين” في المدينة، عمار الأسد، وأبناء أخت رئيس النظام، بشرى الأسد، بزيارة عائلة القتيل، وفوق الجريمة جرى “استصدار تصريحات” من أهل القتيل فنشر قول منسوب لوالدة العقيد يوجه الحديث لبشار الأسد بالقول إن ابنها “فدى الرئيس والوطن”، فيما أشاعت زوجة القتيل “أن الرئيس وعدها بمحاسبة الفاعل”!
اختفى القاتل فعلا عن الأنظار، وأشيع أنه حُكم بالسجن عشرين عاما، لكن السوريين فوجئوا بعد ذلك بظهوره عام 2020 مع احتفالات بإطلاق نيران الرشاشات، وتراوحت تعليقات الجمهور الموالي بين السخرية من ظهوره بدينا رغم أنه كان في السجن، وبين عدم معاقبته بالمؤبد أو الإعدام، كما يقرّ قانون العقوبات السوري في جرائم القتل العمد، فيما علّق معارضون على الأمر بالمقارنة بين خروج سليمان من السجن وهو المحكوم بجرم القتل، وبين عشرات الآلاف الذين سجنوا وعذبوا وقتلوا لأنهم خرجوا في مظاهرة مناهضة للنظام.
تشكّل القصص الكثيرة التي يتداولها السوريون عن أفراد آل الأسد، وأقاربهم وأصهارهم ومقربيهم، الذين يتقاتلون على مناطق النفوذ والمصالح، تمثيلا كاشفا لطبيعة السلطة القائمة، التي يعتبر الانتساب فيها إلى عائلة الحاكم، وطائفته، ومنطقته، بطاقات يانصيب رابحة لهم، وخاسرة لمجمل الشعب السوري، الذي تتناهبه عصابات “الشبيحة”، وزعماء الميليشيات المسلحة، وفوق أنه عرضة للسلب والنهب والخطف والاعتقال وإهانة الكرامة، فإنه يمكن أن يصبح ضحيّة لمعارك هؤلاء وحروبهم التي تقول إنهم أعلى من السوريين، وأن القانون لا ينطبق عليهم.
المصدر: القدس العربي
موضوعات تهمك: