الحزب الجمهوري قد يفشل فى الحصول على أغلبية مقاعد مجلس الشيوخ ويعود السبب فى ذلك لـ«نوعية المرشحين».
نتائج الانتخابات التشريعية ستجيب عن السؤال الأهم على الإطلاق، أى عن وجهة السياسة الأمريكية طوال العقد الحالى على الأقل.
المفارقة أن الانتخابات التشريعية الأمريكية لن تكون، هذه المرة، استفتاء على الرئيس الذى فى الحكم، وإنما استفتاء على رئيس سابق!
أزمة الحزب الجمهورى جوهرها تماهيه مع ترامب فالتيار الذى يدعم ترامب كان دومًا بأقصى يمين الحزب أو على تخومه ولا يحسم الانتخابات.
دور ترامب يقلل فرص الحزب الجمهورى فهو تحت الأضواء يوميًا وهو أمر غير مسبوق لرئيس سابق، ويدعم مرشحين جمهوريين ضد جمهوريين آخرين.
الانتخابات التشريعية بمنتصف مدة الرئيس عادة يخسر فيها حزبه مقاعد بالمجلسين لكنها ليست مجرد استفتاء على أدائه بعد عامين فقد تحسمها متغيرات خارج سيطرته.
* * *
بقلم: د. منار الشوربجي
وسط تحقيقات صاخبة واتهامات متبادلة بالعدوان على الديمقراطية، تبدو انتخابات الكونغرس، المزمع انعقادها فى نوفمبر، كأنها مجرد خلفية لأحداث أكثر أهمية، رغم أن العكس هو الصحيح. فهى وحدها التى ستجيب عن الأسئلة الكبرى للسياسة الأمريكية.
فالتحقيقات الجارية لا تتعلق فقط بالمتورطين فى اقتحام مبنى الكونغرس بالقوة مطلع العام الماضى، وإنما أيضًا بالوثائق الرسمية السرية التى اقتحم من أجلها مكتب التحقيقات الفيدرالى منزل ترامب لاستعادتها. والاتهامات، هى الأخرى، تتطاير فى كل اتجاه.
فلأول مرة منذ توليه، يهاجم بايدن تيار ترامب علنًا، فيتهمه تارة بـ«شبه الفاشية»، وتارة بـ«العداء للديمقراطية». وقد رد ترامب الجميل فورًا فاتهم الديمقراطيين بأنهم هم «أعداء الديمقراطية». ولا يقل أهمية عن ذلك السجال الذى دار داخل الحزب الجمهورى نفسه.
فزعيم الأقلية الجمهورى، متش ماكونيل، ألمح، فى وقت سابق، إلى أن حزبه قد يفشل فى الحصول على أغلبية مقاعد مجلس الشيوخ. وأرجع السبب فى ذلك «لنوعية المرشحين».
وهو ما مثل إدانة ضمنية لمرشحى الحزب المدعومين من ترامب تحديدًا، والذين يرتكبون الحماقة بعد الأخرى، ما جعل فوزهم مستبعدًا. أكثر من ذلك، قام ماكونيل بالفعل بوقف تمويل الحزب للحملات الانتخابية لأولئك المرشحين فى عدة ولايات حيوية.
لكن كلمات زعيم الحزب لاقت هجومًا شرسًا من رئيس لجنة الحزب المسؤولة عن الحملات الانتخابية، السيناتور ريك سوت، الذى لم يذكر ماكونيل بالاسم ولكنه اعتبر الهجوم على أولئك المرشحين «عملا جبانًا يصل لحد الخيانة العظمى للتيار المحافظ».
وهذا السجال تحديدًا هو أحد تجليات الأزمة التى يعيشها الحزب الجمهورى منذ صعود ترامب للساحة السياسية فى 2015. فمجلس الشيوخ منقسمة مقاعده اليوم بالتساوى بين الحزبين (50- 50). ويتولى الديمقراطيون فيه مقاعد الأغلبية لأن كامَلا هاريس، نائبة الرئيس، المنتمية للحزب، هى دستوريًا رئيسة المجلس التى لا دور لها سوى التصويت حين تتساوى الأصوات.
لذلك، كل ما يحتاجه الجمهوريون لتولى الأغلبية هو الفوز بمقعد إضافى واحد فقط، مع الاحتفاظ بكل مقاعدهم الخمسين التى يشغلونها حاليًا. لذلك للحزب نظريًا فرصة كبيرة، فالانتخابات التشريعية التى تجري فى منتصف مدة الرئيس عادة ما يخسر فيها حزبه مقاعد بالمجلسين. فهى لا تكون مجرد استفتاء على أداء الرئيس بعد عامين من توليه، وإنما تحسمها أحيانًا متغيرات داخلية وخارجية تكون خارجة عن سيطرته.
لكن دور ترامب يحد من فرص الحزب الجمهورى. فهو لايزال تحت الأضواء يوميًا وهو أمر غير مسبوق لرئيس سابق، ويلعب دورًا فى دعم مرشحين جمهوريين ضد جمهوريين آخرين. وأزمة الحزب الجمهورى جوهرها تماهيه مع ترامب. فالتيار الذى يدعم ترامب كان دومًا فى أقصى يمين الحزب أو على تخومه ولا يحسم الانتخابات.
لكن انتهازية القيادات التقليدية للحزب، بمن فيهم ماكونيل بالمناسبة، والتى سعت للفوز بأى ثمن، سلمت المفاتيح لذلك التيار عندما وقفت وراء ترامب وأيدت كل مواقفه وسياساته حتى لو مثلت خروجًا على مبادئ الحزب وسياساته. فكانت النتيجة أن هيمن تيار ترامب بالكامل وصار طاردًا بانتظام لباقى تيارات الحزب.
ونجاح بايدن فى اتخاذ قرارات وتمرير تشريعات تمثل أولوية للناخب، بالتزامن مع إلغاء الأغلبية اليمينية بالمحكمة العليا دستورية الإجهاض، أدى لتعبئة واسعة زادت فرص الديمقراطيين فى الانتخابات القادمة.
والمفارقة هى أن الانتخابات التشريعية لن تكون، هذه المرة، استفتاء على الرئيس الذى فى الحكم، وإنما استفتاء على رئيس سابق! أما نتائجها فستجيب عن السؤال الأهم على الإطلاق، أى عن وجهة السياسة الأمريكية طوال العقد الحالى على الأقل.
* د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية المساعد، باحثة في الشأن الأمريكي
المصدر: المصري اليوم – القاهرة
موضوعات تهمك: