بقلم: راجح الخوري
هل اقترب النظام السوري من استعمال الاسلحة الكيميائية لحسم المعركة انطلاقاً من حلب، وخصوصاً في ظل الحديث عن حشده 30 ألف جندي ومئات المجنزرات تمهيداً لاقتحام المدينة وهو ما دفع البعض الى التحذير من حصول أمّ المذابح هناك؟
ما يدفعني الى طرح هذا السؤال ليس الحشد العسكري ولا عجز النظام عن السيطرة حتى الآن، بل ذلك التحذير المثير الذي وجهته ايران الى حليفها الاسد عندما قال علي أكبر صالحي إن استخدام الاسلحة الكيميائية سيؤدي الى فقدان مشروعية النظام كله والى نهاية كل شيء.
كان في وسع ايران المنغمسة في الصراع العسكري الى جانب الاسد ان تبلغه التحذير سراً ومباشرة دون الحاجة الى الاعلان عنه من محفل دولي، وعندما تزامن الاعلان مع التحذير الذي وجهته روسيا الى حلف شمال الاطلسي من مغبة التدخل في سوريا، بدا وكأن النظام الذي عجز عن حسم معركة حلب منذ تموز الماضي والذي وصلت الانقسامات الى داخل صفوفه الحيوية في القرداحة، كما تردد في اليومين الماضيين، يمكن ان يقوم فعلاً بهذا الامر.
ما يزيد من هذه المخاوف قول اللواء المنشق علي سيلو المسؤول السابق في ادارة الاسلحة الكيميائية لصحيفة “التايمس”، ان مناقشات جدية جرت حول استخدام الاسلحة وشملت كيفية استخدامها والمناطق التي تستهدفها: “ناقشنا ذلك كخيار أخير في حال فقد النظام مثلاً السيطرة على منطقة مهمة مثل حلب”!
لكن رغم التآكل المطّرد في بنية النظام واقترابه المتزايد من الانهيار ولو بعد أشهر او حتى سنوات، فانه يعرف ان إقدامه على هذا الأمر يعني انه صنع حتفه الفوري بيديه، ولهذا فان تحذير علي أكبر صالحي يمكن ان يكون مرتبطاً بضرورات إيرانية أكثر منها سورية، بمعنى ان طهران تعمدت ان تبرز ومن نيويورك، وجهاً مسؤولاً وعاقلاً كمقدمة للبحث عن مخارج تساعدها في تجاوز أزمتها الاقتصادية، التي بلغت ذروتها بعدما واصلت العملة الايرانية سقوطها وباتت على عتبة انهيار كارثي يهدد استقرار النظام، وخصوصاً مع الصدامات التي حصلت بالأمس مع الشرطة في طهران وبدء اضراب تجار المحافظات الجنوبية والغليان في سوق العملات.
وفي ظل الحديث عن اضطرار ايران الى دفع عشرة مليارات دولار حتى الآن لدعم نظام الأسد، ومع التلويح الغربي بمروحة جديدة من العقوبات الاقتصادية التي ستزيد من خنق الاقتصاد الايراني، من الطبيعي ان تبدأ البحث عن بدائل في سوريا وربما عن لغة تصالحية مع الغرب الذي يعجبه تحذيرها الأسد من استعمال الاسلحة الكيميائية. ثم ان النظام الايراني يعرف جيداً ان “الثورة الخضراء” التي سبق له ان قمعها لم تمت وان الأزمة الاقتصادية الخانقة قد تؤدي الى هبوب رياح “الربيع الايراني” مجدداً!