البرلمان والقضاء سيقومان بمراجعة قانون إلزامية الحجاب للنساء لحجاب الرأس في الأماكن العامة.
عندما سئل المدعي العام الإيراني عن سبب إلغاء «شرطة الأخلاق» قال إن من ألغى تلك الجهة الأمنية هو «من أنشأها».
أعلنت السلطات إلغاء «دوريات الإرشاد» (شرطة الأخلاق) في إجراء يُقصد منه تخفيف وقع الاحتجاجات المستمرة منذ ثلاثة شهور.
إلغاء “دوريات الإرشاد” ومراجعة إلزامية الحجاب، تطوّر مهمّ، كمحاولة من السلطات لامتصاص الغضب الشعبي أو لإدراك السلطات أسباب الغضب وجذوره.
ضمت الاحتجاجات العامّة أطيافا واسعة متنوعة من المجتمع الإيراني وشملت الاحتجاجات 159 مدينة بأنحاء البلاد مما أدى إلى ضغط هائل على المنظومة السياسية.
* * *
أعلنت السلطات الإيرانية، أمس الأحد، إلغاء «دوريات الإرشاد» (المعروفة في العالم باسم «شرطة الأخلاق») في إجراء يُقصد منه تخفيف وقع الاحتجاجات المستمرة منذ ثلاثة شهور والتي أشعلتها حادثة مقتل الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني بعد اعتقالها من قبل الجهة المذكورة في أيلول/سبتمبر الماضي.
يلفّ القرار الأخير الغموض، فرغم أن الإعلان قام به المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري، الذي أكد أن البرلمان والقضاء سيقومان، أيضا، بمراجعة قانون إلزامية ارتداء النساء لحجاب الرأس في الأماكن العامة، فإنه عندما سئل عن سبب إلغاء «شرطة الأخلاق» قال إن من ألغى تلك الجهة الأمنية هو «من أنشأها».
يشير سياق فرض ارتداء الحجاب على الطبيعة السياسية والتاريخية للمسألة، فقد أصبح ارتداؤه إلزاميا عام 1983، أي بعد قيام الثورة الإيرانية بأربع سنوات، أما «كشت إرشاد» (الاسم الفارسي للهيئة الملغاة) فقد أنشئت رسميا عام 2007، أي بعد 28 عاما من قيام الثورة، وذلك في عهد الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد.
يشير حديث المدّعي العام عن عدم مسؤولية القضاء عن تشكيل «شرطة الأخلاق» ثم الكلام عن مراجعة البرلمان والقضاء لقضية إلزامية الحجاب، لإعادة المسألة، التي أدت إلى احتجاجات كبيرة، إلى الجهات القانونية والتشريعية، بعد أن أصبح رمزا للاعتراض على النظام السياسي الإيراني برمّته.
تحول الاحتجاج على «دوريات الإرشاد» التي يقول النظام إن دورها هو «نشر ثقافة اللباس اللائق والحجاب» إلى أكثر بكثير من مسألة الاحتجاج على الهيئة المذكورة، بحيث انضافت إليها قضايا الاحتجاج السياسي، والتي كان عام 2009 ذروة كبيرة فيها، والاقتصادي، نتيجة تردّي الأوضاع المعيشية والغلاء واتهامات الفساد، والقومي الديني (كما هو حاصل في كردستان إيران وكذلك في إقليم بلوشستان ومقاطعة سيستان وهي مناطق تمرّد قومي تسكنها أغلبيات سنّية).
الاحتجاجات العامّة، ضمت أطيافا واسعة ومتنوعة من المجتمع الإيراني، بينها شخصيات مثل فائزة هاشمي، ابنة الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، وفريدة مرادخاني، ابنة شقيقة مرشد الجمهورية، وفنانين وممثلين ورياضيين مشهورين، وشملت الاحتجاجات 159 مدينة في مختلف مناطق البلاد، وهو ما أدى إلى ضغط هائل على المنظومة السياسية، لم تستطع التخفيف منه الاعتقالات التي وصلت إلى قرابة 14 ألف شخص، حسب تقارير الأمم المتحدة، ولا الاتهامات للمشاركين بتنفيذهم أجندات أجنبية معادية.
اعترفت السلطات، وللمرة الأولى، وعلى لسان العميد في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده، بمقتل أكثر من 300 شخص خلال الاحتجاجات، وهو عدد قصرته «لجنة الأمن القومي» التي يرأسها وزير الداخلية، على 200 شخص، مدخلة فيه عناصر أمن ومدنيين و«مسلحين انفصاليين مشاغبين» أما مصادر حقوق الإنسان، فقدّرت عدد القتلى بـ469 متظاهرا على الأقل، معظمهم في سيستان بلوشستان.
يعتبر إلغاء «دوريات الإرشاد» ومراجعة قانون إلزامية الحجاب، تطوّرا مهمّا، وسواء كان يؤشر على محاولة من السلطات لامتصاص الغضب الشعبي، أو على إدراك السلطات المعنيّة لأسباب هذا الغضب، وجذوره السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فإن من الضروري البناء عليه لتطوير العقد السياسي المفترض بين النظام والشعب.
المصدر: القدس العربي
موضوعات تهمك: