- واشنطن ستتيح لـ(إسرائيل) كتابة بنود المعاهدة المقبلة لكن أين موقع حلفائها بالخليج؟
- اضطراب سياسة أمريكا تجاه إيران يحتم مشاركة الخليجيين بكتابة «المعاهدة» المقبلة.
واشنطن وطهران.. اتفاق أم معاهدة!
بقلم: ظافر العجمي
في البيت، ومنذ أن أصبحت مسكوناً بالقضايا الإقليمية بدل تتبع غيرها، توصلت إلى اتفاق مع قبيلتي بالبيت -وليس معاهدة ملزمة- بأن لي نشرة أخبار واحدة في اليوم أستمع إليها كاملة حتى أتابع الوضع الإقليمي، بعدها يعودون لمسلسلاتهم ورسومهم المتحركة إذا أرادوا.
وذات نشرة، صرّح برايان هوك -المبعوث الأميركي الخاص بشأن إيران- أن بلاده لم تعد ترى العقوبات الطريق الوحيد للتعامل مع طهران، بل ستسعى إلى التفاوض على «معاهدة مع إيران»، تشمل برنامجها للصواريخ الباليستية وسلوكها الإقليمي!
حينها انطلقت مني زفرة احتجاج عفوية لفتت نظر من حولي من المجبرين على مشاهدة نشرة الأخبار، حيث أكمل بعض من حولي: «لا بارك الله فيهم كلهم»، عندما قال هوك إن «الاتفاق الجديد الذي نأمل أن نبرمه مع إيران لن يكون اتفاقاً شخصياً بين حكومتين مثل الاتفاق الأخير، نحن نسعى لإبرام معاهدة».
اتفاقي مع أهلي، حدث أن ألغته دورة كأس العالم، فشاهدت عن قرب توحش نظرية المؤامرة الذي أفضى إلى توحد جهود أهل المباريات مع أهل المسلسلات، لذا سأحاول أن أحول الاتفاق التلفزيوني إلى معاهدة!
فكتب العلاقات الدولية تقول، إن المعاهدة وثيقة تجسّد العقود الرسمية بين الدول، فيما يتعلق بمسائل مثل السلام أو إنهاء الحرب، أو تسوية المنازعات، ويمكن أن تكون المعاهدات ثنائية أو متعددة الأطراف.
وهي ملزمة في القانون الدولي وتختتم المعاهدات عادة بعملية التصديق، ويتوقف وضع المعاهدة على نية الدول المعنية، أما الاتفاق فهو تفاهم متفاوض عليه، ويتناول نواحي فنية، والاتفاقية أقل أهمية من المعاهدة.
ومما فهمت مما رشح حتى الآن، أننا في الخليج كنا تحت رحمة اتفاق «لا يودي ولا يجيب ولا يلزم» سموه «5+1» بين إيران والغرب حول طموحها النووي، دون أن يؤخذ لنا رأي.
والآن سيتحول الاتفاق إلى معاهدة، مما يعني أنه لا عقوبات في نوفمبر، ولا استخدام للحصار النفطي لإجبار طهران على الركوع، فهل سيتم إشراك الخليجيين في أية مفاوضات أميركية إيرانية بشأن جيرتها الإقليمية في المعاهدة المقبلة؟!
لا شك أن واشنطن ستعطي تل أبيب حق كتابة بنود المعاهدة، لكن أين موقع ما تسميه حلفاءها الإقليميين – تعريف يقصدنا في دول مجلس التعاون الخليجي – غير إسرائيل.
وقد تكون المعاهدة هي أسلم طريق لإنقاذ الشعب الإيراني من نفسه ما دامت هذه النفس تُقاد من المرجعية الدينية ونظام الملالي، وبصراحة قد يكون هناك جوانب إيجابية لتحول الاتفاق إلى معاهدة، فالمعاهدة أكثر شمولاً وأكثر إلزامية.
بين الاتفاق والمعاهدة بين واشنطن وطهران، نتمنى ألا يضيع حق دول الخليج في إبداء رأيها، وهو أمر لم يراعَ في الاتفاق النووي، مما أدى إلى انهياره!
فاضطراب السياسة الأميركية تجاه إيران هو خير دافع لدول الخليج لحجز كرسي لها ضمن طاقم كتابة المعاهدة المقبلة، وما ضاع حق وراءه طلاب.
* د. ظافر العجمي باحث كويتي، المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة أمن الخليج.
المصدر: صحيفة «العرب» القطرية