مدينة أشباح.. هكذا وصف صحفيون دوليون الحال في مدينة إدلب السورية، مع تواصل القصف الروسي والقوات التابعة لنظام بشار الأسد، فيما أعلنت الأمم المتحدة، اليوم الإثنين، نزوح أكثر من 30 ألف سوري من المناطق التي تم الإبلاغ عن ضربات جوية بها في إدلب وريف حماة شمالي سوريا، خلال الفترة من 1 إلى 9 سبتمبر الجاري.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوغريك، بالمقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك.
وأوضح دوغريك أن “مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أعرب عن قلقه البالغ بشأن حالة 3 ملايين مدني في إدلب، وكذلك في تدمير البنية التحتية المدنية”.
وأردف: “أدى التصعيد الأخير للهجمات الجوية والبرية في جنوب ريف إدلب ومحافظات حماة الشمالية الريفية إلى سقوط عشرات الإصابات، ومن مطلع سبتمبر إلى أمس الأحد نزح أكثر من 30 ألف شخص في المناطق التي تم الإبلاغ عن ضربات جوية فيها، مع انتقال غالبية النازحين إلى شمال إدلب، وإلى المجتمعات القريبة من الحدود السورية التركية”.
وزاد: “أفادت الأنباء أن حوالي نصف النازحين بقوا في المخيمات، واستضافت عائلات محلية 30% منهم، فيما بقي 15% في مخيمات ذاتية الاستيطان أو هياكل تشبه المخيمات، بينما استأجر الآخرون مساكن”.
وأكد دوغريك أن “الأمم المتحدة وشركاؤها يواصلون تسليم المواد الإنسانية بانتظام إلى إدلب عبر الحدود مع تركيا، على الرغم من البيئة التشغيلية الصعبة (لم يوضحها)”.
وتابع: “وتذكّر الأمم المتحدة جميع الأطراف باتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية أرواح المدنيين وحماية البنية التحتية المدنية، كما هو مطلوب بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان”.
ومنذ مطلع سبتمبر الجاري، بلغ عدد ضحايا هجمات وغارات النظام السوري 29 قتيلا و58 مصابا في عموم محافظة إدلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة، حسب مصادر الدفاع المدني (الخوذ البيضاء).
ورغم إعلان إدلب ومحيطها “منطقة خفض توتر” في مايو 2017، بموجب اتفاق أستانة، بين الأطراف الضامنة؛ أنقرة وموسكو وطهران، إلا أن النظام والقوات الروسية يواصلان قصفهما لها بين الفينة والأخرى.
براميل متفجرة
وبحسب ناشطين فإن مروحيات النظام ألقت ألغاماً بحرية على بلدة الهبيط بريف إدلب الجنوبي، ما أدى إلى مقتل طفلة في حصيلة أولية وإصابة آخرين إثر استهداف طيران الأسد المروحي بلدة الهبيط جنوبي إدلب بالبراميل المتفجرة.
وقبل أيام، قُتل أربعة أشخاص في أعنف غارات شنتها المقاتلات الروسية والتابعة لنظام الأسد منذ نحو شهر، على محافظة إدلب.
كما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض أنه أحصى 60 غارة على الأقل في غارات مساء السبت.
وقال عاملون في منظمة الخوذ البيضاء الإغاثية إنهم انتشلوا أربع جثث، بينها جثة طفل، من تحت أنقاض بيت دمرته الطائرات الروسية في بلدة عابدين، قرب خان شيخون، وفقاً لوكالة رويترز.
ونقلت وكالة “رويترز” عن سكان في إدلب أن طائرات عمودية تابعة لنظام الأسد أطلقت براميل متفجرة على مساكن في ضواحي مدينة خان شيخون، جنوبي إدلب.
وتأتي هذه الغارات بعد أيام من قمة ثلاثية عُقدت في طهران، ورفضت فيها روسيا وإيران وقف إطلاق النار بإدلب، في حين شددت تركيا على ضرورة الهدنة، محذرة من كارثة إنسانية في حال نفَّذ النظام الهجوم الواسع على المحافظة.
استهداف المدنيين
في السياق، أظهر تسجيل مصور التُقط في محافظة إدلب شمالي سوريا، استهداف مقاتلات روسية وأخرى تابعة للنظام السوري كوادر الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) في أثناء إنقاذهم المدنيين من تحت أنقاض غارة جوية.
والتُقط المشهد في أثناء إخماد طاقم “الخوذ البيضاء” حريقاً اندلع عقب غارة استهدفت أطراف بلدة خان شيخون.
أحد أهالي إدلب أحمد الناصر، وصف الوضع في إدلب بالمرعب، قائلا: الناس هنا ينتظرون الموت، يتذكرون ما حدث من جرائم في حلب الشهباء، التي اغتالها الأسد قبل عام.
وأوضح أن الإدلبيون يعرفون أنهم إن خرجوا من محافظتهم لن يعودوا إليها، لذلك مهما حدث لن يغادروا آخر ما تبقى من أرضهم ووطنهم، مضيفا أن التمسك بالأرض هو الخيار الوحيد بالنسبة لهم، خصوصاً بعدما شاهدوا وعاينوا بشكل يومي ما حدث مع من استسلم لها في درعا وحمص والغوطة وحلب وغيرها.
وتابع: أيضا هناك مئات الأسر تستعد للنزوح باتجاه الحدود التركية، وربما هذه الأسر قد تكون ورقة تركية للضغط على أوروبا.