بقلم: يوسف الكويليت
الذين يسيرون بوهم نهاية سلمية للوضع السوري، مرة بدعوة للحوار بين المعارضة والدولة، يتبعها إيقاف لإطلاق النار، إلى إرسال مبعوثين دوليين مدركين أن الفشل هو النتيجة، والتمنع عن التدخل العسكري، أو إيجاد مناطق عازلة، كل هذه الوصفات فقدت قيمتها، لأن حكومة الأسد، أمام التخاذل الدولي تسير باتجاه تدمير سوريا وقتل أهلها، لأن كابوس رؤية النهايات التي رافقت الدكتاتوريات التي أطاح بها ثوار الربيع هاجس الأسد ومن يتحالف معه في الداخل حيث إن ما ينتظر القتلة نفس الجزاء الذي لحق بمن رعوا تلك الحكومات وكرسوا سلطتها..
المتحالفون من الخارج، ربطوا مستقبل سياساتهم في المنطقة بدعم نظام الأسد، إذ بسقوطه ستنتهي فرضيات وجود محاور تواجه الغرب، وهو ما تدرك تبعاته روسيا التي لا تزال تستولد النظام السوفيتي وعقلية الدولة العظمى التي لديها القدرة على كسب الجولة حتى لا تترك المواقع الحساسة ساحة لعب لدول حلف الأطلسي، ومع أن روسيا تعترف أن الأسد ببقائه في الحكم، أو زواله، فهو منته بقوة الضغط الشعبي الذي مهما كانت قدرة النظام، فعلاقته بالوطن انتهت، والذين لا يزالون يتعامدون معه ويناصرونه، يعرفون أيضاً أن القضية وجود وعدم، وحتى الذين لديهم نوايا التخلي عن النظام بقوا خوفاً من تصفية عائلاتهم، لكن ذلك ليس فرضية أزلية طالما النظام هو من يسجل خسائره كل لحظة..
مجلس الجامعة المنعقد بالقاهرة يسجل دعماً معنوياً للشعب السوري، وهو يمثل الآراء لكل دولة والتي لا تلتقي على اتجاه واحد، فهناك من يمتنع عن توضيح موقفه، وآخر يساند النظام، وثالث داعم للثورة بشكل علني، وقد تعودنا على هذه السياسات العربية منذ ما يزيد على نصف قرن حين توزعوا على الدوائر العالمية بين تقدمي ورجعي، واشتراكي ورأسمالي ثم الآن الخلافات تبنى على التضاد بين نظام وآخر، وليس للمصالح التي تربط بلداً بآخر..
الشعب السوري العظيم، بكل ما تعنيه هذه الكلمة، شهد التهجير والقتل والسجون وكلها معاناة يتفرج عليها العالم ممن يدعي حماية حق الإنسان بالأمن والحرية والعيش الكريم، لكن الرؤية في الداخل تمنح الأمل الكبير رغم جبروت القوة للأسد، فاستدعاء الاحتياطي دلالة أن النظام بدأ يفقد أفراده، بالهروب والعصيان والانشقاق، ورغم وصول الإمدادات العسكرية والبشرية من إيران والعراق، وحزب الله فقد أصبح الجيش الحر، رغم محدودية تسليحه والمساعدات التي تصل إليه، قوة فككت عرى النظام..
التاريخ يعتبر السجل المخيف، وخاصة للدول العربية التي ساندت أو صمتت على جرائم الأسد، وسينصف الداعمين لأنهم انحازوا للشعب كحق طبيعي مدفوعين بعمق الإخاء معه، والقضية هنا لا تتعلق بمذهب أو قومية، أو تحالف تحت مظلة أو دوافع دول خارجية، وإنما الواجب الأخوي، لأنه لا يمكن لمن يعيش المشهد ويرى المناظر المأساوية أن يكون بصف الجلاد، وضد شعبه الذين هم أخوة لحم ودم وتاريخ.
وهم إنقاذ سوريا بدون إجبار الأسد التنازل بالقوة، مجرد حلم يسبح في سراب الحلول، لأن الطاغية لا يهزم إلا بقانون ما يوازيه من قوة، وغير ذلك عبث سياسي وتهريج دبلوماسي..