أهم خصائص بدايات مرحلة المراهقة
طور المراهقة:
(من السنة الثانية عشرة حتى السنة التاسعة عشرة)
وهو طور يتم فيه النضج العقلي والانفعالي للطفل بشكل تدريجي، حتى يصبح مثل الكبار الراشدين من النواحي الجسدية والنفسية.
ويتحقق أكبر قدر من هذا النضج خلال السنوات الثانية عشرة حتى الخامسة عشرة، وبعدها يكتسب هذا الإنسان البالغ الجديد – وبالتدريج أيضاً – مزيداً من الحكمة وبعد النظر.
وعندما تبلغ حكمته، وبعد نظره مستوىً جيداً، يكون قد صار راشداً، وبلغ سن الرشد.
لذا لم يكن البلوغ العقلي والانفعالي الذي يرافق، ويتزامن مع البلوغ الجنسي كافياً لأن نعطي اليتيم أمواله، يتصرف بها كيف يشاء، مع أنه ببلوغه قد صار محاسباً ومكلفاً، ولم يبق القلم مرفوعاً عنه كما كان في طفولته. قال تعالى: {وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} {النساء: 6{
ولعل من أهم مظاهر النضج العقلي – الذي يتم عادة خلال السنوات الثانية عشرة حتى الخامسة عشرة – نمو قدرة المراهق على إدراك المفاهيم المجردة، التي كان عاجزاً عن إدراكها قبل ذلك.
والمفاهيم المجردة هي المفاهيم التي تجردت عن المجسدات والمحسوسات، والتي تدلّ على أشياء لا يمكن إدراكها بالحواس، إنما إدراكها عقلي بحت.
فلو تأملنا مفهوم الحرية الذي نفهمه – نحن الكبار – بسهولة، لوجدنا أن الحرية شيء تدركه عقولنا، لكننا لا نستطيع تخيلها، أو تصورها كما نتصور البحر، أو الشجر، أو الطعام، أو المشي، أو اللعب، أو غير ذلك من أشياء قابلة للإدراك بالحواس.
والطفل قبل مرحلة المراهقة يستطيع أن يفهم كلمة “أنا حرّ” فهماً جزئياً، لأنه على الفور يتخيل لها معنىً مجسداً في سلوك أو موقف. “أنا حر” قد تعني له أنه يستطيع أن يلعب متى شاء مثلاً، أو أنه يستطيع أن يحتفظ بأشيائه لنفسه دون أن يسمح لأخيه أن يستعملها أو ما شابه من أمثلة.
أما مفهوم “الحرية” بمعناها الواسع، الذي لا نحتاج نحن الكبار إلى حصره ببعض المواقف، إنما نفهمه على أنه شيء شامل، وعلى أنه المعنى المشترك بين جميع الحالات، التي تتجسد فيها حرية الإنسان، والتي يمكن للإنسان أن يتصورها (حرية في الحياة اليومية، حرية سياسية، حرية فكرية، حرية من العادات، حرية من القوانين، حرية من المعيقات كلها، …. الخ).
هذا المفهوم لا يستطيع الطفل المُمَيِّز في مرحلة ما قبل المراهقة إدراكه كما يدركه البالغون. وهكذا الحال بالنسبة للمفاهيم المجردة كلها. فالطفل المُمَيِّز لا يدرك مفهوم الإيمان، أو العدل، أو المساواة، أو الطاعة، أو الإخلاص، أو الكبر، أو الاستعلاء، أو الكرم، أو العلم، أو …. لا يدرك أمثال هذه المفاهيم بالعمق، والشمول الذي يدركها به البالغون، إنما هي دائماً أمثلة مجسدة في أفعال، أو أشياء يرى فيها الطفل جانباً من تلك المفاهيم، فيرى العدل في تقسيم أمه للحلوى بينه وبين أخته بالتساوي مثلاً، أو في غير ذلك من مواقف. لكن العدل كمفهوم مجرد عن الأمثلة، وبالتالي شامل لكل مثال، يمكن لعقل الإنسان أن يتصوره، هذا المفهوم المجرد الشامل ما يزال فوق قدرة الطفل المُمَيِّز على الإدراك العقلي، وهكذا الحال بالنسبة للمفاهيم المجردة الأخرى.
وعجز الطفل قبل مرحلة المراهقة عن إدراك المفاهيم المجردة، أمر يجب الانتباه إليه جيداً عند مخاطبة الأطفال، سواء عند التحدث معهم، أو التأليف لهم شعراً أو نثراً، أو وضع الحوار لأفلامهم وتمثلياتهم، إذ عندما يحتوي خطابنا الموجه إليهم على مفاهيم مجردة، فهذا يعني أن رسالتنا التي أردنا أن نبلغهم إياها لن تصلهم، وربما كان لها أثر سلبي من حيث إشعارهم بالغموض في خطابنا لهم، والغموض يقلل الاهتمام والرغبة في الخطاب، ويولد في نفوسهم النفور منه، إذ الطفل يزعجه الغموض في أي شيء ويرتاح إلى الوضوح، والحدود القاطعة بين الأشياء.
وقبيل مرحلة المراهقة تبدا القدرة على فهم المجردات بالظهور.. لذا قد نجد طفلاً في العاشرة، أو الحادية عشرة من عمره، يدرك إدراكاً لا بأس به بعض المفاهيم المجردة، لكن بلوغه مستوى الفهم الذي عند الكبار، يحتاج إلى عدة سنوات حتى يتم ويكتمل.
ومع نمو قدرة المراهق على فهم المفاهيم المجردة، تنمو لديه أيضاً القدرة على إدراك الممكنات العقلية، أي: إدراك الاحتمالات الممكنة، والأحوال، والصور، والأشكال؛ التي يمكن لأي شيء أن يتخذها متحرراً من الواقع أمامنا .
موضوعات تهمك:
كنز من المعلومات في قسم بنون حول تربية الاطفال والمراهقين، بقلم المفكر الاسلامي استشاري الطب النفسي الدكتور محمد كمال شريفة ننصح كل أب وكل أم ان يطلعوا عليه الرابط هنا
هل تقاليدنا فعلا تقاليد اسلامية؟
عذراً التعليقات مغلقة