“أنا شيرين أبو عاقلة .. القدس المحتلة”، رصاصة في الرأس أطلقها جنود الاحتلال الصهيوني، قتلت بها قائلة تلك الجملة التي أدخلت أخبار فلسطين إلى كل بيت من بيوت العرب، فمراسلة الجزيرة القطرية التي كان لها باع طويل في نقل الحقيقة للعالم، باتت اليوم جثة هامدة، خلال أداء عملها بتغطية اقتحام جيش الاحتلال مدينة جنين في الضفة الغربية المحتلة صباح اليوم.
وزارة الصحة الفلسطينية أكدت نبأ الوفاة في بيان مقتضب بعد أن كانت أصدرت بيانًا تعلن فيه إصابتها بالرصاصة الحية في الرأس وأنها في وضع حرج، وقال زملائها في العمل أن الشهيدة كانت ترتدي سترة الصحافة وخوذة، مؤكدين أن القناصة الإسرائيليين استهدفوها بشكل مباشر في الجزء الظاهر من الخوذة، وقال أحد زملائها للجزيرة: “اتجمعنا أنا وزملائي الصحافيين في نقطة قريبة جداً من الجيش، جهّزنا حالنا، لابسين كل المعدات – خوذة، الواقي. انتظرنا شيرين تيجي. وصلنا كشفنا حالنا للجيش اتقدمنا أمتار معدودة بجانب مصنع. بس وصلنا المنع، صار إطلاق نار علينا، لقيت وجهي أطمن عليهم، لقيت شيرين ع الأرض وإطلاق نار عليها”.
وأضاف: “بعد ما صار عملية إطلاق النار علينا، حاولنا نسعف شيرين ما قدرنا. الاحتلال استهدف شيرين وهي لابسة الخوذة. الإصابة تحت الأذن، الاحتلال كان مصر يقتلنا عبر القناصة”.
وفي الوقت ذاته أعلنت القناة إصابة منتجها علي السمودي الذي كان يقف قريبًا من الشهيدة، برصاصة في الظهر نقل على إثرها للمستشفى، وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في بيانها، أن المصاب في حالة مستقرة.
اغتيال شيرين أبو عاقلة
في بيانها استنكرت شبكة الجزيرة جريمة القتل المفجعة التي تخرق القوانين والأعراف الدولية والتي ارتكبها جيش الاحتلال بحق المراسلة شيرين أبو عاقلة، مشيرة إلى أن تلك الجريمة من شأنها محاولة منع الإعلام من أداء رسالته مع تأكيد على أن أبو عاقلة كانت ترتدي سترة الصحافة حين قنصها جنود الاحتلال في الرأس.
وحمّلت الشبكة الحكومة الإسرائيلية وقوات الاحتلال مسؤولية مقتل الراحلة، داعية المجتمع الدولي إلى إدانة قوات الاحتلال لتعمدها استهداف وقتل أبو عاقلة.
وقد نددت شبكات إعلامية، وصحافيين ونشطاء وهيئات عربية تضامنها مع الشهيدة شيرين أبو عاقلة ومنددين بجرائم الاحتلال، وأبرز تلك الشبكات شبكة أريج للصحافة الإقصائية، ووكالات فلسطينية وهيئات إعلامية، وصحافيين من مصر ودول عربية أخرى أصدروا بيانات موقعة تطالب فيها بمحاسبة المسؤولين عن الجريمة دوليًا.
وقد قلل الاحتلال في بادئ الأمر من أهمية اغتيال أبو عاقلة من خلال تصريحات متحدث باسم الجيش الصهيوني، قائلًا: “لنفترض أن جنودنا قتلوا شيرين أبو عاقلة، لا داع للاعتذار عن ذلك”، بينما قال رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني نفتالي بينيت أنه عرض على السلطة الفلسطينية إجراء تحقيق، لكن السلطة الفلسطينية رفضت الأمر، بينما تسائل فلسطينيون: “أي تحقيق وأي شفافية، لقد قتلتموها بدم بارد وتريدون أن تسرقوا الحقيقة”.
شيرين أبو عاقلة صوت فلسطين
الشهيدة الراحلة من مواليد القدس المحتلة عام 1971، درست الهندسة في البداية ثم اتجهت لدراسة الصحافة والإعلامة في جامعة اليرموك الأردنية وعادت إلى فلسطين لأداء عملها، حيث بدأت كمذيعة في راديو محلي، قبل أن تنضم لقناة الجزيرة بعد عام واحد من تأسيسها عام 1997، وتعتبر من الجيل الأول وقال زملاؤها أنهم كانوا يطلقون عليها اسم المراسلة الأولى.
عملت أبو عاقلة في القدس المحتلة، وعملت في الأردن ومصر والولايات المتحدة، لكن أبرز عملها تغطية الأحداث في القدس ونقلها لكل بيت عربي، ومن ثم إلى كل العالم، موضحة مدى حجم جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين.
شيرين أبو عاقلة في مقابلة لها بثتها قناتها اليوم تذكيرًا بكلماتها قالت عن الخطر الذي تواجهه خلال عملها في الأراضي المحتلة وخاصة إبان الانتفاضة الفلسطينية الثانية واجتياح الضفة الغربية المحتلة عام 2002: “في اللحظات الصعبة تغلبت على الخوف. فقد اخترت الصحافة كي أكون قريبة من الإنسان. ليس سهلاً ربما أن أغيّر الواقع، لكنني كنت قادرةً على الأقل على إيصال ذلك الصوت إلى العالم”.
كما بثت القناة مقابلة أخرى قالت فيها أن الاحتلال يحاول التضييق عليها بزعم تصويرها مناطق أمنية، ولذلك فهي تشعر دائمًا أنها مستهدفة وأنها في مواجهة مع جيش الاحتلال والمستوطنين المتطرفين، وعن أكثر لحظات عملها تأثيرًا قالت أنه كانت خلال زيارتها لسجن عسقلان للوقوف على أوضاع الأسرى الفلسطينيين وبعضهم يقبع في الأسر قبل 20 عامًا.
موضوعات تهمك: