أفغانستان إن حلّت عنها أمريكا ودول غربية استعمارية معينة ستبنى من جديد بالإرادة والإدارة.
رفض الأفغان ويرفضون العمل تحت إمرة وحذاء العم سام والدول الإقليمية، كما فعلت دول أخرى وما أكثر من باع وارتهن وأذعن واستسلم.
سفارة فرنسا حملت على عاتقها هجرة مئتي صحفي أفغاني في رحلة واحدة! مروا عبر أبوظبي ثم باريس بعد اتصالها بهم وسيتكرر ذلك مع أطباء وممرضين ومهندسين…
يريد المحتل أن تصبح أفغانستان دولة فاشلة فمنذ مغادرة آخر جندي أمريكي بدأت معاول الغرب هدمًا ممنهجا لما تبقى منها لإسقاطها وعدم نهوضها بعد هزيمة التحالف الدولي.
* * *
بقلم: ناصر شديد
أن تصبح أفغانستان دولة فاشلة، هذا ما يريده المحتل، فمنذ مغادرة آخر جندي أمريكي أرض أفغانستان في الواحد والثلاثين من أغسطس الماضي، بدأت الدول الغربية بمعاول هدم ممنهج وذكي لما تبقى منها، إمعاناً في إسقاطها وعدم نجاح تجربتها بعد الهزيمة التي لحقت بقوى التحالف الدولي.
لم يكتف المحتلون السابقون بتدمير أفغانستان طوال عشرين عامًا، بل قاموا مع مغادرتهم بسحب أغلب “العقول الأفغانية” معهم بهدف “تفريغ” البلاد من رصيدها المتبقي، بل هبّت السفارات الأجنبية بكرم غير معهود بالاتصال هاتفيًا بالكفاءات المميزة طالبة منهم التوجه إلى المطار إن أرادوا الهجرة!، ويتكرر ذلك حتى الآن، وأتساءل: “من لا يرغب يا رعاكم الله في الهجرة في مثل هذه الظروف، ليس في أفغانستان بل في آسيا وأفريقيا؟!”.
فالسفارة الفرنسية مثلًا، “حملت على عاتقها” هجرة مئتي صحفي أفغاني في رحلة واحدة فقط! مرورًا عبر أبوظبي ومن ثم باريس، هذا ما أكده لي صديق صحفي أفغاني، فالسفارة الفرنسية اتصلت بالصحفيين الأفغان شخصيًا، ويُجْرِ ذلك على كل القطاعات المهنية من أطباء وممرضين ومهندسين إلى آخر هذه الأعمال والتصنيفات.
بالتأكيد أفغانستان بلد فقير بسبب الحروب المتعاقبة وفساد حكامه وسياسييه ومسؤوليه السابقين وأمراء الحرب، كل ما سبق صحيح، لكن أفغانستان يا سادة أبية بشعبها وبأرضها العذراء بخيراتها الكبيرة، فيما المحتلون السابقون مازالوا ينشطون لإفشالها بكل الوسائل، اقتصاديًا وسياسيًا وحتى أمنيًا!
وهنا الكرة في ملعب الحكام الجدد، وبانتظار ما الذي سيفعلونه في قادم الأيام ومع ذلك ومع كل ما واجهه الشعب الأفغاني وقادته، لم تبع أي مؤسسة أو شركة أو منشأة لديهم رغم الحروب والفقر والعوز.
فكل مؤسساتها ملك الدولة الأفغانية، ولديهم كما تعلمون تسعة مليارات دولار ونصف في البنوك الأمريكية والعالمية، وللعلم: “حاولت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة” التصرف بنصف مليار تحت شعار مساعدة فقراء أفغانستان! لكن الحكومة الجديدة رفضت الأمر، واعتبرته تدخلًا سياسيًا في شؤونها!
أفغانستان يا سادة رغم كل الحروب والاحتلالات المتكررة، لم تستدن فلسًا واحدًا من أي دولة إقليمية أو دولية طوال إثنين وأربعين عامًا في الرخاء أو العسر! أفغانستان يا سادة ليست كدولنا “المنغمسة” بالارتهان للأجنبي وبديون تفوق عدد أنفاس شعبها!
باختصار يا سادة الأفغان رفضوا ويرفضون العمل تحت إمرة وحذاء العم سام والدول الإقليمية، كما فعل غيرهم من الدول، وما أكثر من باع وارتهن وأذعن واستسلم..، أزعم أن أفغانستان إن حلّت عنها واشنطن ودول غربية معينة..، ستبنى من جديد بالإرادة والإدارة.
والله من وراء القصد..
* ناصر شديد مراسل صحفي في أفغانستان
المصدر| السبيل الأردنية
موضوعات تهمك: