بقلم: ديفيد كينر
“أعرف صبياً يدعى علاء، كان عمره ست سنوات فقط، لم يكن يعي ما يحدث. أستطيع القول بأن هذا الطفل البالغ من العمر ست سنوات قد تعرض للتعذيب أكثر من أي شخص آخر في الغرفة، لم يُقدم له أي طعام أو ماء على مدى ثلاثة أيام، كان ضعيفاً جداً حيث كان يغمى عليه طوال الوقت، كما كان يتعرض للضرب على نحو منتظم. لقد رأيته يموت، بقي على قيد الحياة لثلاثة أيام فقط وبعد ذلك مات، ببساطة. كان خائفاً طوال الوقت، لقد عاملوا جثته كما لو أنه كان كلباً”.
كانت تلك كلمات وائل، الصبي ذو 16 عاماً، كما ذكرت في تقرير جديد لمنظمة أنقذوا الأطفال Save the Children حول تعذيب الأطفال خلال الثورة السورية.
“معظم الأطفال الذين تحدثنا إليهم رأوا أفراداً من عائلاتهم يُقتلون”، كما يذكر التقرير الذي كان نتاج مقابلات حيّة مع سوريين لاجئين في الدول الحدودية المجاورة لبلدهم.
“لقد شاهدوا وخبروا أشياء لا ينبغي على أي طفل أن يراها، أُصيب الكثير منهم بصدمات شديدة نتيجة لذلك.. إن الممارسات المذكورة هنا ذات مصداقية، وتحدث بشكل متكرر، عدا عن كونها مريعة للغاية”.
هذه الممارسات تتقاطع كذلك مع التقارير الكثيرة جداً الصادرة عن الأمم المتحدة والعديد من منظمات حقوق الإنسان، والتي فصّلت مسألة استخدام التعذيب من قبل نظام الرئيس بشار الأسد، وكذلك إمعانه في اعتقال أفراد من عائلات أشخاص مطلوبين بهدف ترويعهم وإسكات صوتهم.
من المحتمل أن الرئيس باراك أوباما فكّر في التقرير اليوم، وذلك عندما أشار إلى الحكومة السورية في كلمته أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة “كنظام يعذب الأطفال ويطلق الصواريخ على الأبنية”.
وخلافاً لأغلب التقارير الصادرة حول الأزمة السورية والمليئة بالمصطلحات السياسية الفارغة، فإن تقرير “أنقذوا الأطفال” يتألف من ما يقارب عشرات الشهادات الحية من أولئك الذين شهدوا، أو كانوا ضحايا لسياسية التعذيب هذه.
“لقد تم تعذيبي بالكهرباء” يقول محمد، وهو شاب يبلغ من العمر 24 عاماً، “وكذلك كان التعذيب للأطفال أيضاً، لقد رأيت ذلك، كنا في السجن نفسه، حيث لا يتردد الحراس باستخدام الكهرباء على الأيدي والأرجل والظهور والأماكن الحساسة، لقد كانوا يضربون الأطفال حتى ينزفون، العديد منهم فارق الحياة”.
من المهم جداً قراءة هذه الشهادات. هناك العديد من الأسباب شرعنت الثورة السورية، كالانقسامات الطائفية، والواقع الاقتصادي، وسوء الإدارة السياسية، كل تلك الأسباب حقيقية، لكن ثمة رغبة ما في إخفاء حقيقة مهمة، وهي أن وراء هذه الثورة دافع يتعذر فهمه. فكيف يمكن لشعب أعزل بغالبيته أن يقوم بداية بمحاولة مقاومة جيش يتم تسليحه من قبل واحدة من أكبر القوى العالمية؟ ما الذي يرغم السوريين على متابعة المقاومة بعد عشرات الآلاف من القتلى، والصمود في وجه القذائف والقصف الجوي؟
مع كل الأمل، أن تبين هذه القصص المؤلمة سبب استمرار الثورة السورية اليوم، كما هو حالها منذ ثمانية عشر شهراً.
——————————-
المصدر:
The worst thing you will read today
التقرير الصادر عن منظمة “أنقذوا الأطفال”