أخطر تصريح لماكرون: انتهت هيمنة الغرب!

محمود زين الدين4 أبريل 2022آخر تحديث :
الغرب

ونحن العرب ما مصيرنا وما وزننا في هذه الخارطة الجديدة الأعدل؟
يجب أن نعترف بحقيقة لا مناص منها وهي أن هيمنة الغرب الأبيض المسيحي على العالم انتهت!
النخب العربية مطالبة من قبل شعوبها بتجاوز أحقادها لتواجه العالم بدول قوية ذات مؤسسات منتخبة وممثلة لكل مواطنيها وهو الخيار الأوحد.
غياب الدول ذات المؤسسات المنتخبة سيؤدي بالعرب لهامش التاريخ خارج الحضارة لتعود أمتنا إلى مستعمريها يتولون شؤونها نيابة عن أبنائها وبئس المصير لا قدر الله!
* * *

بقلم: أحمد القديدي
قبل أيام قليلة من انتخابات فرنسا الرئاسية (يوم 10 أبريل 2022)، وفي مؤتمر صحفي بباريس يبدو عاديا فاجأ الرئيس المنتهية عهدته والمرشح لعهدة ثانية، إيمانويل ماكرون، الرأي العام بتصريح اعتبره من أخطر ما قال الرجل وهو الذي تمرس بالسياسة الوطنية والدولية منذ كان وزيرا للاقتصاد في حكومة الرئيس السابق فرنسوا أولوند، إلى أن تحمل بإرادة الأمة مسؤولية رئاسة الجمهورية سنة 2017 ولهذا السبب يعتبر ما قاله إيمانويل ماكرون ذا أهمية بالغة وفي مستوى التاريخ الحديث، وتفضلوا بتقييم كلامه بأنفسكم.
قال: “يجب أن نعترف بحقيقة لا مناص منها وهي أن هيمنة الغرب الأبيض المسيحي على العالم انتهت! الهيمنة التي بدأت منذ القرن الثامن عشر مع نضج النهضة الصناعية والبخارية الأوروبية وتعملقها وجعلت قارتنا عن طريق بريطانيا وفرنسا تتوسع إلى ما كان يعرف بالعالم “المختلف” عنا ثقافة وحضارة وأديانا وأعراقا وهوالعالم غير الأوروبي الذي اعتبره أجدادنا “متوحشا وبربريا”!
فاستعمرناه بقصد “تمدينه وإلحاقه بالحضارة البيضاء بل وتنصيره بديننا المسيحي وتعليمه لغاتنا وإلباسه قبعاتنا وقمصاننا وكسواتنا” ربما بنية “إنقاذه” من التخلف والتوحش ونشأ منا نحن منظرون، أمثال أرنست رونان وجول فيري، يبررون استعمارنا ويمهدون الطريق للهيمنة الشاملة التي مارسها الغرب الأوروبي على أفريقيا وآسيا وأستراليا إلى تخوم الحرب العالمية الأولى (1914-1918).
حيث أدركت القارة الأمريكية أنها مضطرة لدخول الحرب العالمية الأولى ثم الثانية لنصرة بل لحماية أوروبا أمها الحضارية من الخطر النازي والفاشي وتعلمون ما وقع بعد 1945 عند نهاية الحرب العالمية الثانية، حين أصبحت الولايات المتحدة هي القوة الغربية الأولى والعظمى وأفلت نجوم أوروبا وانسحبت بريطانيا وفرنسا من كوكب صناعة التاريخ وتوجيه دفة الحضارة لتصبحا قوتين ثانويتين تحتاجان إلى حماية واشنطن في الحرب الباردة.
واستمرت أمريكا تقود العالم كقطب أوحد، حيث لم يشك أحد في تفوقها التكنولوجي والاقتصادي ثم العسكري إلى أن بدأت تتأسس قوى أخرى وافدة أولها التنين الصيني الذي استيقظ على رأي المفكر الفرنسي “ألان بيريفيت” كما يستيقظ المارد من فانوس علاء الدين السحري في ملحمة ألف ليلة وليلة.
ونشأت قوة الصين أولا كعملاق شيوعي ثم كوحش ليبرالي رأسمالي يأكل جميع الأسواق العالمية ويغرقها ببضاعات متنوعة وبخسة الأثمان تزاحم كل صناعات الأمم الأخرى من الإبرة لحاملة الطائرات ومن اللعبة إلى البواخر العابرة للقارات.
ثم منذ عام 1978 دخلت بكين بكواكبها الصناعية عالم الفضاء الخارجي لتنافس واشنطن وموسكو وتغزو القمر والمريخ وزحل ورجعت الصين لمشروع “طريق الحرير” تغري به الشعوب المستضعفة وتحول ملايين العمال والمهندسين والخبراء ورجال الأعمال الصينيين إلى دول أفريقيا وآسيا ثم إلى أوروبا والولايات المتحدة وكندا.
ونفض التنين الصيني الأسطوري عنه غبار القرون ليقف ويتحرك ويسعى إلى درجة أن مخزون الدولار، العملة الأمريكية الخضراء، أضخم رصيد في بنوك الصين من البنوك الأمريكية ذاتها! ولعل المبادلات الأمريكية الصينية قريبا ستكون باليوان (بعد استقرار قيمة صرفه بالدولار منذ مايو 2018!).
أما القوة الثانية الصاعدة فهي طبعا روسيا التي يريد بوتين استعادة أمجادها القيصرية منذ توليه السلطة قبل عشريتين، وهو ابن المؤسسة السوفييتية تربى وترعرع في أحضان (كي جي بي) وابن بوريس يلتسين المغامر الذي ضرب البرلمان بالمدفعية حين خاف الانقلاب الدستوري عليه بداية التسعينيات!
وطلعت في التجارة الدولية كل من الهند والبرازيل، وفرضت نفسها دول أصغر لم يقرأ لها الخبراء حسابا أمثال تركيا وأندونيسيا وماليزيا وكوريا الجنوبية وإيران وسنغافورة، ويمكن أن نحسب بينها كتلة مجلس التعاون التي تجاوزت أزمتها الأخيرة واستعادت عافيتها وظهرت دولة قطر كوسيط للسلام والأمن الدوليين منذ أزمات السودان ولبنان وفلسطين إلى إنهاء الحرب الأمريكية الأفغانية بالنجاح الذي اعترف به العالم.
هذه الحقائق لم يقلها الرئيس الفرنسي بتفاصيلها لكنني شعرت أنه فكر فيها وصنفها من بين المعطيات التي أنهت سيطرة الغرب على العالم ليصبح العالم متعدد الأقطاب وجاءت الحرب الأوكرانية لتذكر الغافلين أن لهذه الخارطة الجديدة حدودا حمراء لا يجوز تجاوزها بيسر وبنفاق وبدبلوماسية الخديعة.
ولعلكم تسألون: ونحن العرب ما مصيرنا وما وزننا في هذه الخارطة الجديدة الأعدل؟
والجواب هوأن نخبنا مطالبة من قبل شعوبنا بأن تتجاوز أحقادها الأيديولوجية لتواجه العالم بدول قوية ذات مؤسسات منتخبة وممثلة لكل مواطنيها، وهوالخيار الأوحد وعكس هذا سيؤدي بالعرب إلى هامش التاريخ وخارج الحضارة لتعود أمتنا إلى عباءة مستعمريها يتولون شؤونها نيابة عن أبنائها وهذا هوالذي وصفه الله تعالى ببئس المصير لا قدر الله!
* د. أحمد القديدي كاتب وأكاديمي تونسي
المصدر: الشرق – الدوحة

موضوعات تهمك:

ثلاثة عوامل تجعل مساعدة الغرب لأوكرانيا عسكريا “محدودة”

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة