اختفت الغارات في الشمال السوري المحرر، منذ بدء الحرب الأوكرانية، والتي كان ينفذها الطيران الروسي بين الفينة والأخرى.
القتال بأوكرانيا جيش نظامي لجيش نظامي بخلاف معارك كان يخوضها في السابق، والتي كانت معارك مع قوات غير نظامية.
زاد من تأثير الحرب الأوكرانية على الساحة السورية، سحب القوات الروسية للمئات من مقاتلي شركة فاغنر الروسية، للقتال في أوكرانيا.
ما لا يقل عن 40 ألف جندي روسي قتلوا أو جرحوا أو هربوا أو استسلموا من أصل 192 ألف جندي روسي يشاركون في الحرب بأوكرانيا،
معظم القوات التي تم سحبها كانت منتشرة في البادية السورية حيث قوات تنظيم الدولة الإسلامية، وهو ما قد يفسر تصاعد عمليات التنظيم خلال الأسابيع الماضية.
* * *
بقلم: أحمد موفق زيدان
بعد دخول حرب أوكرانيا شهرها الثاني، يتابع السوريون باهتمام بالغ مسارات الحرب هناك، إذ يعوّلون على استمراريتها، لكونها ستُشغل القوات الروسية، وستُضعف مليشيات الأسد في مواجهة الثورة السورية.
لاسيما وقد اختفت الغارات في الشمال السوري المحرر، منذ بدء الحرب الأوكرانية، والتي كان ينفذها الطيران الروسي بين الفينة والأخرى، ومما زاد من تأثير الحرب الأوكرانية على الساحة السورية، سحب القوات الروسية للمئات من مقاتلي شركة فاغنر الروسية، للقتال في أوكرانيا.
وقد عثرت القوات الأوكرانية على عملة سورية بجيوب من قتلتهم من هذه المليشيات، وأظهرت ذلك بمقاطع فيديو مصورة، وذكرت مصادر عدة أن مجموعة من قوات الطراميح المنتمية للفرقة 25 التابعة لقوات سهيل الحسن قد غادرت أيضاً سوريا للقتال إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا.
وقد لوحظ في مدن سورية عدة خلال الفترة الماضية افتتاح مكاتب لتجنيد قوات النخبة الخاصة التي قاتلت بفاعلية في سوريا، ولاسيما مقاتلي حرب المدن، وممن يحظون بثقة روسية عالية، وليسوا من المقاتلين العاديين، مما سيؤثر سلباً على تضعضع جبهات النظام السوري في مواجهة مقاتلي الثورة السورية، وخاصة جبهات النظام مقابل قوات تنظيم الدولة.
إذ إن معظم القوات التي تم سحبها حتى الآن كانت منتشرة في البادية السورية حيث قوات تنظيم الدولة الإسلامية، وهو ما قد يفسر تصاعد عمليات التنظيم خلال الأسابيع الماضية.
وتحدثت مصادر في البنتاغون الأمريكي عن سحب موسكو لبعض معداتها من الأراضي السورية، وتزامن ذلك مع كشف لصحيفة التايمز البريطانية أن ما لا يقل عن 40 ألف جندي روسي قتلوا أو جرحوا أو هربوا أو استسلموا من أصل 192 ألف جندي روسي يشاركون في الحرب بأوكرانيا، وكان من بين القتلى سبعة من الجنرالات الروس، وهي أعلى نسبة خسارة للجنرالات الروس منذ الحرب العالمية الثانية.
فلم يتعرض هذا العدد الكبير للقتل في كل حروب روسيا منذ أفغانستان والشيشان وحتى سوريا، وهو ما يعكس شراسة المعركة التي تخوضها القوات الروسية، إذ يرى الخبراء العسكريون أن ما شهده الشهر الماضي من الحرب في أوكرانيا، لم تشهده كل حروب روسيا منذ الحرب العالمية الثانية، فالقتال هناك جيش نظامي لجيش نظامي، بخلاف كل المعارك التي كان يخوضها في السابق، والتي كانت معارك مع قوات غير نظامية.
الثوار في الشمال السوري الذين يدركون تماماً صعوبة التحرك في هذه الظروف ما لم تحصل انسحابات حقيقية روسية، فإنهم يراقبون بالمقابل التحرك الأذربيجاني خارقاً اتفاقية قره باغ مع أرمينيا، عبر تسيير أربع مسيرات تقصف مواقع القوات الأرمنية المدعومة من روسيا.
وهو ما يزيد من قناعة ثوار سوريا بضعف وتراجع موسكو نظراً لتجرؤ أذربيجان عليها، خاصة وأن هذا الانهيار والتراجع في أوكرانيا انعكس حتى على صورة الكرملين مع حليفته بيلاروسيا التي طلب منها الانضمام إليه في الحرب.
لكنها لم تشترك بشكل مباشر حتى اليوم، وهي ترى أن العضلة المالية والعسكرية التي عوّلت عليها طويلاً قد بدأت تتراجع، وتخبو، ويزيد ذلك وقوف الصين على الحياد، بعد أن كان يعوّل بوتين على دخولها وكوريا الشمالية، الحرب ضد الغرب، مما سيخفف الضغوطات عليه، لكن خاب أمله.
وقد أتى توصيف الرئيس الأمريكي جو بايدن لبوتين بأنه جزار ومجرم حرب، ليقطع كل التواصل بين القوتين، فقد كشفت الحرب الأوكرانية بنظر محللين غربيين عن أن روسيا دولة مارقة، فكيف يمكن الاعتماد عليها كعضو في مجلس الأمن الدولي، المكلف بحماية السلم والأمن الدوليين.
وزاد من تشويه صورتها ما تتناقله الأنباء عن اغتصابات جيشها لنساء أوكرانيا بحسب ما كشفته سيدة عضو في البرلمان الأوكراني، بالإضافة لتصريح الرئيس زيلنسكي من أن القوات الروسية اختطفت ألفين من الأطفال لمبادلتهم بالقوات الروسية الأسيرة لدى القوات الأوكرانية، وهو ما يذكر تماماً بتصرفات النظام السوري طوال السنوات الماضية من حكمه.
* د. أحمد موفق زيدان كاتب وإعلامي سوري
المصدر: الشرق – الدوحة
موضوعات تهمك: