مصر وتركيا في ليبيا “حبايب”؟!

سلام ناجي حداد4 يناير 2020آخر تحديث :
مصر وتركيا

بعد تصاعد التوترات الأخيرة في منطقة البحر المتوسط وخاصة عند ليبيا، دارت الأحاديث عن حرب قريبة بين مصر وتركيا في ليبيا، وذلك في ظل دعم تركيا لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا، بالإضافة إلى دعم مصر إلى جانب الإمارات وروسيا لخليفة حفتر قائد قوات شرق ليبيا التي تحاول أن تستمد أي شرعية وذلك من خلال تحريك برلمان شرق ليبيا من أجل اتخاذه عدة إقرارات تسمح لقوات حفتر ببدء الإجراءات سريع.

كان أبرزتلك القرارات هو الاجماع على تفويض حفتر وقواته بتعطيل كافة المطارات والموانئ والمنافذ البرية تحت سيطرة حكومة الوفاق، بالإضافة إلى رفض الاتفاق المبرم بين فائز السراج رئيس الحكومة والرئيس التركي، وإجالة القائمين عليها للنائب العام وقطع العلاقات مع أنقرة بالإضافة لرفع ميزانية قوات حفتر من الموارد الليبية لتصل إلى 20 مليار دولار سنويا.

وإن كان هذا يبدو تصعيدا من برلمان حفتر، إلا أنه في ما وراءه محاولة تغليب الدبلوماسية على العسكرية في إمكانية جديدة لحل سياسي، ولكن.

مصر وتركيا

لماذا تأخرت تركيا؟

كل تلك الإجراءات جاءت من أجل الرد على بدء تركيا تنفيذ قرار الرئيس التركي بإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا والتي من المنتظر ان تصل إلى ليبيا خلال أيام لكن تقارير أشارت إلى أن ذلك قد يتأخر قليلا بسبب مشاورات تركية مع روسية من أجل التوافق على الخطوة التركية.

وقال موقع 218 الليبي المحلي، اليوم في تقرير له أن تركيا تنوي إرسال 200 من قواتها العسكرية إلى ليبيا والتي تشمل عناصر استخباراتية وقوات خاصة ومستشارين عسكريين من أجل دعم حكومة الوفاق الوطني، في وقت أشارت فيه إلى أنقرة ستعجل بأخذ الموافقة الجزائرية على تلك الخطوة بزيارة رسمية عاجلة قد ينفذها الرئيس التركي بنفسه أو وزير دفاعه دون مزيد من التفاصيل بهذا الشأن.

يبدو أن التسارع أو التباطؤ لن يغير بالأمر شئ فقد عزمت أنقرة على التدخل عسكريا في ليبيا وسط شجب وإدانة مصرية مستمرة، كان آخرها بيان وزارة الخارجية المصري الذي حث على وقف إجراءات تركيا العسكرية بشأن ليبيا.

مصر وليبيا القدرات العسكرية هل تحكم؟

مصر وتركيا

بمقارنة سريعة بين جيش مصر وجيش تركيا يتبين أن القوتين متقاربتين إلى حد كبير في حال من الممكن أن يكون الجيش التركي مائل لأن يكون الأقوى بحسب التصنيفات العالمية، بداية من ناحية التصنيف العام تأتي مصر في المركز 12 في قائمة الجيوش الأقوى في العالم بينما تأتي تركيا في المركز 9، فمن ناحية القوة الجوية، حيث يحتل سلاح الجو المصري المرتبة التاسعة عالميا حيث يمتلك 1092 طائرة حربية متنوعة، بينما تركيا تحتل المركز العاشر خلف مصر مباشرة بـ1067.

أما من حيث عدد المقاتلات فمصر في المركز الثالث عشر عالميا بـ211 مقاتلة بينما تتفوق على تركيا بعدد بسيط حيث تمتلك تركيا 207 مقاتلة في المركز الرابع عشر، ومن حيث طائرات الهجوم فمصر في الترتيب الثامن عالميا بينما تركيا تحتل المركز الرابع عشر وهو فارق كبير،

من حيث العدد فمصر تحتل المركز الرابع عشر بينما تركيا في المركز الثامن عشر، أما في عدد الجنود الفاعلين فمصر في المركز العاشر عالميا بينما تركيا في المركز الرابع عشر، أما من حيث الدبابات فمصر في المرتبة الرابعة عشر بينما تركيا في المرتبة السابعة عالميا، ومن حيث المدرعات فتركيا في المركز السابع عالميا بينما مصر في المرتبة الثالثة عشر.

أما في القوة البحرية فمصر تقع عالميا في المرتبة السادسة، بينما تركيا في المركز الثاني عشر عالميا، وأخيرا في ميزانية الدفاع فإن الفوارق لصالح تركيا التي تقع في المركز الـ45 عالميا بميزانية تبلغ 4.4 مليار دولار، بينما تركيا في المركز 25 عالميا بإنفاق عسكري يبلغ 8.6 مليار دولار سنويا.

وبالرغم من التقارب العسكري الكبير إلا أن عوامل أخرى قد تدفع لعدم وقوع حرب بين مصر وتركيا في ليبيا، أبرز تلك العوامل، هي أن أنقرة لديها مهمة محددة في ليبيا، كما أن مصر لا يمكنها التدخل عسكريا في ليبيا إلا لضرب أهداف بعينها كان آخر المعلن عنه عندما قتل عدد من الوافدين المصريين على يد جماعات إرهابية في ليبيا، إلا أن السبب الأبرز يكمن في أن الأوضاع تعقدت في ليبيا بتدخل تركيا بعد زيادة الدعم العسكري المقدم إلى قوات حفتر الذي يعرف أنه لن يقوى على محاربة تركيا، كما أن تركيا تعمل على اللعب بالورقة السورية مع روسيا لتحييدها قليلا داخل ليبيا ما يجعل مهمة تركيا أسهل حيث سينتقص الضلع الأهم والفارق في المعارك الأخيرة قرب طرابلس.

إلا أن تحليلات أشارت إلى أن أقصى ما يمكن أن تفعله مصر بهذا الشأن هو زيادة الدعم الاستخباراتي واللوجستي والعسكري إلى قوات حفتر، كما أن مصر لن تتدخل بشكل مباشر إلا إذا واجهت تهديدا مباشرا من قبل تركيا وهذا بالتأكيد لن يحدث حيث تعد مصالح مصر وتركيا مشتركة في الاتفاق المبرم بين أنقرة وحكومة الوفاق الوطني، وفق ما سنشرح بالأسفل.

وتحدث محللون عن أن الوجهة السياسية الخارجية المصرية في السنوات الأخيرة كانت أكثر حكمة من التورط في أية حروب، كما عملت على مقاربة وجهات النظر بأقصى درجة ممكنة، ولعل أبرز ما يبين ذلك هو تعاطي مصر غير العنيف مع أزمة سد النهضة التي تمثل تهديدا وجوديا للدولة المصرية. كما أشار مراقبون إلى أن تركيا لا تنوي استفزاز مصر عسكريا حيث أنها تعتبرها قوة يجب اجتذابها في صف تركيا.

ولعل أبرز ما يوحي أن مصر وتركيا لن تتواجهان بشكل مباشر في ليبيا على الرغم من نفوذ كل منهما العسكري هناك، هو أن الولايات المتحدة تدعم موازنة تركيا الأمور بالمقابل لروسيا التي تضع ثقلها مؤخرا في دعم الجنرال المتقاعد خليفة حفتر. وهو ما يعني أنه لا يمكن الوصول لحائط سد في هذا الأمر، لكن هل يحدث تقارب؟!

تقارب مصر وتركيا في ليبيا؟!

مصر وتركيا

عند طرح مثل تلك الفرضية على الرأي العام فإنها قد تكون فرضية شبه مستحيلة بالنسبة لرجل الشارع والمحللين والمسؤولين أيضا، إلا أن كل شئ وارد في السياسة الخارجية خاصة في وضع مثل وضع ليبيا.

بالرغم من المناورات العسكرية المصرية الأخيرة التي بدأتها مصر قرب حدودها الغربية، إلا أنها لا تمثل سوى تحذيرات أو محاولة استعراض قوة لوضع خطوط للخطر التركي المحتمل، كما أن الرئيس المصري وقيادات مصر العسكرية لا تحبذ الدخول في حروب في الوقت الراهن وسط الأزمات الاقتصادية ومحاولة تخطي الأوضاع الأخيرة للدولة.

مشكلة مصر مع تركيا؟ سؤال تعد إجابته واضحة ويكمن في كون مصر حليفا هاما للإمارات التي لا ترغب في أي وجود للإسلام السياسي في المنطقة، والتي دعمت الرئيس المصري لشن انقلابا عسكريا على الرئيس السابق محمد مرسي للسبب نفسه، بينما تدعم تركيا حكومة الوفاق التي تعتبرها مصر امتدادا لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا.

تمتلك مصر حدودا مع تركيا بطول 1115 كليومترا وبهذا الطول الكبير تخشى مصر من أي تمدد للإسلام السياسي في الجارة الليبية التي ستؤثر بالتأكيد على مصالح مصر هناك في مناطق البحر المتوسط الغنية بالغاز، ما يجعل مصر تتأهب خوفا على مصالجها، لكن كما ذكرنا سابقا فإن الاتفاق التركي الليبي لا يمثل أي تهديد لمصر، بينما يعد في صالحها.

هذا ما أبرزته تصريحات لمسؤولين أتراك أبرزهم المتحدث باسم الرئاسة التركية، الذي أكد على أن لديه معلومات بسعادة المسؤولين المصريين بالاتفاق المبرم بين حكومة فايز السراح والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مشيرا إلى أن سعادة المصريين تكمن في أن تلك الاتفاقية التي كان فيها ترسيم الحدود البحرية تعطي مصر مساحة أكبر في مناطق البحر المتوسط الغنية.

المسؤول التركي أكد أنه لا تواصل رسمي حتى الآن بين مصر وتركيا ولا تفاوضات بأي شأن إلا أنه أكد أن الباب مفتوحا وكل شئ ممكن في السياسة الخارجية.

وإن كان ذلك لا يقول أن تقارب مصري تركي بعد عداوة قد ينتج في ليبيا، إلا أنه يقول أن الخصوم وجدوا نقطة تقارب في المصالح ومن الممكن استغلالها.

موضوعات تهمك:

من خيانة لخيانة حفتر يخدم من؟

خليفة حفتر وعقدة الجنرال المهزوم

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة